الفصل الرابع
في جواز العمل بالعامّ قبل الفحص وعدمه
واعلم أنّ الشارع جرت عادته في وضع القوانين وتشريع الشرائع على طريقة كافّة العقلاء فكما أنّ طريقة العقلاء في وضع القوانين المذكورة على ذكر العمومات أو الاطلاقات في فصل أو مادّة وذكر مخصّصاتها أو مقيّداتها أو شرائطها في فصول أو مواد أخر بالتدريج والانفصال ولذا لم يجوّزوا التمسّك بالعمومات أو المطلقات قبل الفحص عن المخصّصات أو المقيّدات لعدم جريان أصالة التطابق بين الإرادة الاستعماليّة وبين الإرادة الجدّيّة فيها ما دامت العمومات أو المطلقات في معرض التخصيص أو التقيّد الموجودين في وقت الأخذ بهما.
فكذلك تكون عادة الشارع وعليه فلا يجوز العمل بالعمومات الشرعيّة ما دام كونها في معرض التخصيص لعدم حجّيّتها بعد عدم جريان أصالة التطابق فيها.
ولقد أفاد وأجاد سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره حيث قال إنّ كون العمومات والمطلقات من غير فحص في معرض المعارضات يمنعهم عن إجراء أصالة التطابق بين الاستعمال والجدّ ولا يكون العامّ حجّة إلّا بعد جريان هذا الأصل العقلائي وإلّا فبمجرّد ظهور الكلام وإجراء أصالة الحقيقة والظهور لا تتمّ الحجّيّة فأصالة التطابق من متمّماتها لدى العقلاء (١).
__________________
(١) مناهج الوصول : ٢ / ٢٧٦.