الباب الأوّل : في القطع ، وفيه فصول :
الفصل الأوّل
في القطع ، ويقع البحث فيه من جهات :
الجهة الاولى : أنّ القطع يكون بنفسه طريقا إلى الواقع ، وليس هذه الطريقيّة قابلة للجعل مطلقا سواء كان الجعل بسيطا وهو الجعل المتعلّق بمفعول واحد كجعل طريقيّة القطع أو مركّبا وهو الجعل المتعلّق بمفعولين كجعل القطع طريقا لا استقلالا ولا تبعا. والدليل لذلك هو أنّ الطريقيّة عين ذات القطع ، ولا يتصوّر الجعل في الذات والذاتيّات كما لا معنى لجعل الانسان حيوانا وناطقا ؛ لأنّ وجدان الشيء لذاته وذاتيّاته ضروريّ ، فلا يحتاج إلى جعل جاعل ؛ نعم يصحّ تعلّق الجعل البسيط بوجوده ، فيجوز إيجاد القطع استقلالا أو إيجاد المعدّات والمقدّمات الموجبة للقطع.
ويشكل ذلك بأنّ الذاتي ما لا ينفكّ عن ملزومه ولا يفترق عنه والقطع قد يصيب وقد لا يصيب ، ومعه كيف يمكن عدّ الكاشفيّة والطريقيّة من ذاتيّاته. والقول بأنّه في نظر القاطع كذلك لا يثبت كونها من لوازمه الذاتيّة ، لأنّ الذاتي لا يختلف في نظر دون نظر (١).
يمكن أن يقال كشف القطع عن المقطوع في نظر القاطع لا يختلف في نظر دون
__________________
(١) تهذيب الاصول ٢ : ٨.