الفصل الرابع : في المجمل والمبيّن
والمجمل ما ليس له ظاهر والمبيّن ماله ظاهر وأمّا تفسيره بأنّ المجمل عبارة عمّا لا يكون بحجّة ولا يستطرق به إلى الواقع فيقابله المبيّن وهو الذي يستطرق به إلى الواقع ففيه إنّه تفسير الشيء بلوازمه.
ثمّ إنّ المجمل لا حجّيّة له إلّا أن يكون له قدر متيقّن فهو بالنسبة إليه حجّة لظهور اللفظ فيه وجريان أصالة الجدّ بالنسبة إليه وربّما يمكن رفع الإجمال بالرجوع إلى المبيّن.
هذا هو حكم المجمل الحقيقيّ وربّما يكون المجمل مجملا حكميّا وهو ما إذا لم يكن اللفظ مجملا في نفسه.
ولكن صار مجملا من ناحية اختلال المراد الجدّيّ من جهة تخصيص العامّ بدليل منفصل يدور أمره بين المتباينين كما إذا ورد أكرم كلّ عالم ثمّ ورد في دليل آخر لا تكرم زيدا العالم والمفروض أنّه مردّد بين الشخصين أي زيد بن خالد وزيد بن عمرو مثلا فيكون المخصّص من هذه الناحية مجملا ويسري إجماله إلى العامّ حكما لا حقيقة إذ مع العلم بالتخصيص وإجماله بين الشخصين مع عدم ترجيح في المبيّن يتعارض أصالة الجدّ بالنسبة إلى كلّ واحد منهما ولأجل ذلك يعامل معه معاملة المجمل. نعم لو كان لأحدهما مرجّح فأصالة الجدّ جارية فيه ويعمّه العموم.
ثمّ إنّ الإجمال والبيان كما أفاد في المحاضرات من الامور الواقعيّة فالعبرة بهما إنّما هي بنظر العرف فكلّ لفظ كان ظاهرا في معناه وكاشفا عنه عندهم فهو مبيّن وكلّ