الجهة السادسة : في إمكان أخذ القطع في موضوع نفسه أو مثله أو ضدّه أو مخالفه وعدمه.
أمّا الأوّل فقد صرّح في الكفاية بأنّه لا يكاد يمكن أن يؤخذ القطع بحكم ، في موضوع نفس هذا الحكم ؛ للزوم الدور ، وهو المحكيّ عن العلّامة الحلّي قدسسره في مقام الردّ على العامة القائلين بالتصويب.
وتقريب ذلك ـ كما في مصباح الأصول ـ أنّ القطع المتعلّق بحكم يكون طريقا إليه لا محالة ؛ إذ الطريقيّة غير قابلة للانفكاك عن القطع ، ومعنى كونه طريقا إلى الحكم فعليّة الحكم مع قطع النظر عن تعلّق القطع به ؛ ومعنى كون القطع مأخوذا في موضوعه عدم كونه فعليّا إلّا بعد تعلّق القطع به ؛ إذ فعليّة الحكم تابعة لفعليّة موضوعه ، ولذا قد ذكرنا غير مرّة أنّ نسبة الحكم إلى موضوعه أشبه شيء بنسبة المعلول إلى علّته ، فيلزم توقّف فعليّة الحكم على القطع به ، مع كونه في رتبة سابقة على القطع به على ما هو شأن الطريق. وهذا هو الدور الواضح. (١)
أورد عليه سيدنا الإمام المجاهد قدسسره بأنّ الدور المذكور في المقام ـ أعني توقّف القطع بالحكم على وجود الحكم وتوقّف الحكم على الموضوع الذي هو القطع سواء كان تمام الموضوع أو جزءه ـ إنّما يلزم لو كان القطع مأخوذا على نحو الجزئيّة ، ومعنى ذلك عدم كون القطع موضوعا برأسه ، بل هو مع نفس الواقع أعني الحكم الشرعي ، فالقطع يتوقّف على وجود الحكم ، ولو توقّف الحكم على القطع يلزم الدور
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٤٤.