الجهة العاشرة : في العلم الإجمالي يقع الكلام في أمور :
الأمر الأوّل : في أنّ العلم الاجمالي كالعلم التفصيلي في حرمة المخالفة القطعيّة ؛ لأنّ المعتبر في حكم العقل بقبح المخالفة هو وصول التكليف ، والوصول كما يتحقّق بالعلم التفصيليّ فكذلك يتحقّق بالعلم الإجمالي ، وعدم تمييز مصداق المكلّف به في أطراف المعلوم بالإجمال لا ينافي وصول أصل المكلّف به ، ومع الوصول المذكور يحكم العقل بقبح المخالفة القطعيّة.
ويشهد له الوجدان ، ألا ترى أنّه لا فرق بين ما إذا عرف المكلّف خمرا بعينها وبين علمه بوجودها في أحد الكأسين في حكم العقل بقبح المخالفة ، فكما أنّ من شرب الخمر المعيّنة استحقّ العقوبة ، فكذلك من شرب الكأسين استحقّ لها ؛ لصدق المخالفة مع التكليف. فالعلم الإجمالي كالعلم التفصيلي في حرمة المخالفة القطعيّة.
ودعوى اعتبار العلم التفصيلي بحرمة الشيء حين الارتكاب في استحقاق العقوبة يكذبها الوجدان.
وقياس المقام بما إذا يحصل العلم الإجمالي بعد ارتكاب الأطراف تدريجا فإنّه لا يستحقّ العقوبة قياس مع الفارق ؛ إذ لا علم تفصيلا ولا إجمالا حين الارتكاب في المقيس عليه ، بخلاف المقيس ؛ فإنّ العلم الاجمالي موجود فيه حين الارتكاب ، وهو كاف في تحقّق الوصول وحرمة المخالفة القطعيّة.
فتحصل : أنّ العلم الإجمالي كالعلم التفصيلي في إفادة حرمة المخالفة القطعيّة.
الأمر الثاني : في أنّ العلم الاجمالي كالتفصيلي في وجوب الموافقة القطعيّة.
ولا يخفى عليك أنّ التكليف بعد الوصول بالعلم الاجمالى يكون منجّزا ، و