الخلاصة :
الجهة التاسعة : في قطع القطّاع والوسواس ونحوهما ، ولا يخفى عليك أنّ حكم العقل بالتنجيز ، وقبح مخالفة التكليف المقطوع واستحقاق العقوبة ، يكون من باب أنّ المخالفة مع التكليف المعلوم مصداق لهتك المولى ، وهو ظلم ، إلّا أنّ هذا الحكم يكون متفرّعا على المخالفة للتكليف من حيث هي هي.
فلا منافاة لأن ينطبق على المخالفة المذكورة حكم آخر من جهة طروّ عنوان آخر أهمّ يزاحمه كالتحرّز عن الوقوع في كثير من الموارد في خلاف الواقع ، أو التحرّز عن إطاعة الشيطان وتعوّده لذلك.
ومع أهمّيّة العنوان الآخر الطاري لا يبقى حكم العقل بالقبح على فعليّته ، لوجود تزاحم الأهمّ.
ولا إشكال حينئذ في أن يحكم الشارع المطّلع على العنوان الطاري بالمنع عن العمل بالمقطوع ، بل لا إشكال في ذلك لكل من يعلم بطروّ العنوان الأهمّ ، نعم ، القاطع الذي لم يلتفت إلى ذلك رأى أنّ وظيفته هو الأخذ بما حكم به عقله ، ولا يمكن ردعه عن ذلك إلّا بتنبيهه إلى طروّ العنوان الأهمّ ، أو يمنعه الشارع قبل صيرورته قاطعا عن سلوك مقدّمات توجب القطع فلو قصّر في المقدّمات المذكورة وحصل له القطع ، لا يكون معذورا في ذلك.
بل يمكن أن يقال لا تنجيز للقطع المذكور ، لأنّ التنجيز ليس كالكشف أمرا ذاتيّا قهريّا للقطع ، بل هو حكم العقل ، بملاحظة المصالح والمفاسد والمزاحمات ففي صورة تزاحم مصلحة الإطاعة لله تعالى مع مفسدة ، تعوّد إطاعة الشيطان في وسوسته