الخلاصة :
الجهة الثامنة : في وجوب موافقة القطع بحسب الالتزام القلبيّ المعبّر عنه بعقد القلب على ما علمه والخضوع القلبي له ، بحيث يكون كلّ حكم علم به على تقدير ثبوته منحلا إلى أمرين : أحدهما هو وجوب الإتيان ، أو الاجتناب عنه ، بحسب الخارج ، وثانيهما ، هو وجوب الخضوع القلبي ، والالتزام بالعمل به في الجنان.
ثمّ إنّ عقد القلب والخضوع القلبي من الأفعال الاختياريّة القلبيّة وراء نفس العلم واليقين ، لجواز تفكيكهما عن العلم ، ولذلك كان بعض الكفّار غير مؤمنين في عين كونهم عالمين بالمبدإ والمعاد ومع ذلك كانوا مكلّفين بالايمان ، وهو شاهد على أنّ الايمان وهو عقد القلب على ما كانوا عالمين به ، أمر اختياريّ.
وأيضا يعتضد ذلك بالوعيد بالعقوبة عند التخلّف عن الإيمان ومقدّمات البرهان ، لا تفيد إلّا العلم ، وهو قهريّ. وأما عقد القلب ، فهو لا يكون قهريّا ، بل يحتاج إلى إرادة العالم.
ودعوى أنّ التسليم القلبي لا يحصل بالإرادة والاختيار ، فمن قام عنده البرهان على شيء ، لا يمكن له عقد القلب عن صميمه بعدم وجوده.
مندفعة بأنّ ما لا يكون اختياريّا هو العلم لا عقد القلب.
فإذا عرفت ذلك ، فاعلم ، أنّه لا دليل على وجوب الالتزام القلبيّ بالنسبة إلى الاحكام المعلومة ، إذ الامتثال في الأحكام المعلومة حاصل بالإتيان بها أو الاجتناب عنها في الخارج ، ولو مع عدم الالتزام القلبيّ بها والواجب هو الإتيان بها ، أو الاجتناب عنها في الخارج ، ولا دليل على أزيد منه.
والشاهد لذلك حكم الوجدان بعدم استحقاق العقوبتين لو خالف ولم يمتثل.