لا يقال يكفي في ذلك وجوب تصديق النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما جاء به ، فإنّه يقتضي وجوب الموافقة الالتزاميّة ، إذ تصديق النبي ، صلىاللهعليهوآلهوسلم لا ينفكّ عن البناء القلبي على موافقته.
لأنّا نقول إنّ غاية ما يستفاد من وجوب تصديق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هو وجوب تصديقه في «أنّ ما جاء به ، وأخبر عنه هو واجب ، صادر من قبل الله تعالى» ، وهذا المعنى لا يرتبط بالالتزام القلبيّ على العمل بما علمه من الأحكام.
ثمّ إنّه على تقدير تسليم ثبوت وجوب الالتزام القلبيّ بالعمل بالأحكام ، لا ينافيه جعل حكم ظاهريّ في مورد الدوران بين المحذورين ، أو مورد أطراف المعلوم بالإجمال.
إذ المراد من وجوب الموافقة الالتزامية ، إمّا وجوب الالتزام بما هو الواقع على الإجمال ، ولا منافاة بين الإباحة الظاهريّة ، للأصل ، والالتزام بالحكم الواقعيّ على ما هو عليه من الوجوب أو الحرمة.
أو المراد من وجوب الالتزام ، هو وجوب الالتزام بكلّ حكم بعينه وشخصه ، فلا إشكال في سقوط هذا الواجب في موارد الدوران بين المحذورين ، أو أطراف المعلوم بالاجمال ، لعدم إمكان معرفة شخص التكليف ، ومع سقوط هذا التكليف فلا مانع من جريان الحكم الظاهريّ ، كما لا يخفى.
أو المراد من وجوب الالتزام وجوب الالتزام بأحدهما على نحو التخيير ، ولا كلام في بطلان ذلك ، إذ كلّ تكليف يقتضي الالتزام به على تقدير ثبوت وجوب الالتزام ، لا الالتزام ، به أو بضدّه على نحو التخيير.
فتحصّل أنّه لا مانع من جريان الأصل في موارد دوران الأمر بين المحذورين ، وفي موارد العلم الإجمالي من ناحية الموافقة الالتزاميّة.