الفصل الرابع : في تأسيس الأصل
قال الشيخ الأعظم قدسسره : لا بدّ من تأسيس الأصل الذي يكون عليه المعوّل عند عدم الدليل على وقوع التعبّد بغير العلم مطلقا أو في الجملة ، فنقول : التعبّد بالظنّ الذي لم يدلّ على جواز التعبّد به دليل محرّم بالأدلّة الأربعة ، ويكفي من الكتاب قوله تعالى : (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) دلّ على أنّ ما ليس بإذن الله من إسناد الحكم إلى الشارع فهو افتراء ، ومن السنة قوله عليهالسلام ـ في عداد القضاة من أهل النار ـ : «ورجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم» ومن الإجماع ما ادّعاه الفريد البهبهاني في بعض رسائله من كون عدم الجواز بديهيّا عند العوام فضلا عن العلماء ، ومن العقل تقبيح العقلاء من يتكلّف من قبل مولاه بما لا يعلم بوروده عن المولى ولو كان عن جهل مع التقصير.
نعم قد يتوهّم متوهّم أنّ الاحتياط من هذا القبيل ، وهو غلط واضح ؛ إذ فرق بين الالتزام بشيء من قبل المولى على أنّه منه مع عدم العلم بأنّه منه وبين الالتزام بإتيانه لاحتمال كونه منه أو رجاء كونه منه ، وشتّان ما بينهما ؛ لأنّ العقل يستقلّ بقبح الأوّل وحسن الثاني ... إلى أن قال : وقد تبيّن ممّا ذكرنا أنّ ما ذكرنا في بيان الأصل هو الذي ينبغي أن يعتمد عليه :
وحاصله أنّ التعبّد بالظنّ مع الشكّ في رضاية الشارع بالعمل به في الشريعة تعبّد بالشكّ من دون دليل وهو باطل عقلا ونقلا ، وأمّا مجرّد العمل على طبقه فهو غير محرّم إلّا إذا خالف أصلا من الاصول اللفظيّة ، أو العمليّة الدالّة على وجوب