الأخذ بمضمونها حتّى يعلم الرافع ، فالعمل بالظنّ قد يجتمع فيه جهتان للحرمة كما إذا عمل به ملتزما بأنّه حكم الله وكان العمل به مخالفا لمقتضى الاصول اللفظيّة أو العمليّة وقد يتحقّق فيه جهة واحدة كما إذا خالف أصلا من الاصول ولم يلتزم بكونه حكم الله أو التزم به ولم يخالف مقتضى الاصول ، وقد لا يكون فيه عقاب أصلا كما إذا لم يلتزم بكونه حكم الله ولم يخالف أصلا ، وحينئذ يستحقّ عليه الثواب كما إذا عمل به على وجه الاحتياط. هذا ، ولكن حقيقة العمل بالظنّ هو الاستناد إليه في العمل والالتزام بكون مؤدّاه حكم الله في حقّه.
فالعمل على ما يطابقه بلا استناد اليه ليس عملا به ، فصحّ أن يقال : إنّ العمل بالظنّ والتعبّد به حرام مطلقا وافق الاصول أو خالفها غاية الأمر أنّه إذا خالف الاصول يستحقّ العقاب من جهتين من جهة الالتزام والتشريع ومن جهة طرح الأصل المأمور بالعمل به حتّى يعلم بخلافه ، وقد اشير في الكتاب والسنة إلى الجهتين ، فممّا اشير فيه إلى الاولى قوله تعالى (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) بالتقريب المتقدّم ، وقوله : «رجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم» ، وممّا اشير فيه إلى الثانية قوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) وقوله : «من أفتى الناس بغير علم كان ما يفسده أكثر ممّا يصلحه» ونفس أدلّة الاصول. (١)
حاصله : أنّ مقتضى القاعدة أنّ التعبّد والالتزام بشيء بعنوان أنّه من قبل المولى يحتاج الى قيام الدليل ومع عدمه محرّم بالضرورة ، ويدلّ عليه الأدلّة الأربعة ، ويكفي في حرمة العمل بالظنّ عدم العلم بورود التعبّد ، لأنّ موضوعها هو عدم العلم بورود التعبّد به ، ولا حاجة إلى إحراز عدم ورود التعبّد به ليحتاج في ذلك إلى أصالة عدم وقوع التعبّد به ثمّ إثبات الحرمة.
__________________
(١) فرائد الاصول ٣٠ ـ ٣٣.