وهذا نظير قاعدة الاشتغال الحاكمة بوجوب اليقين بالفراغ ، فإنّه لا يحتاج في إجرائها الى إجراء أصالة عدم فراغ الذمّة ، بل يكفي فيها عدم العلم بالفراغ ، ففي المقام أيضا يكفي في حرمة التعبّد نفس عدم إحراز ورود دليل على التعبّد ، ولا يحتاج إلى أصالة عدم وقوع التعبّد به ، فإذا شكّ في ورود دليل على جواز التعبّد بغير العلم من الأمارات يترتّب عليه حرمة التعبّد بالظنّ والعمل به ، فإنّ نفس الشكّ في ذلك موضوع لحرمة التعبّد ، لا عدم وقوع التعبّد به واقعا.
ولا يخفى ما فيه ، فإنّ البحث عن الحرمة التكليفيّة للتعبّد بالظنّ خارج عن البحث الاصولي ، كما أفاد سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره. (١)
بل الأنسب بالبحث الاصولي هو أن يقال : إنّ الأصل فيما لا يعلم اعتباره بالخصوص أو بالعموم هو عدم الطريقيّة أو عدم حجّيّته جزما ، فلا يترتّب على المشكوك اعتباره الآثار المترتّبة على الطريق والحجّة.
نعم يمكن أن يقال : إنّ مرجع البحث عن الحرمة التكليفيّة للتعبّد بالظن إلى نفي الحجّيّة ؛ لوجود الملازمة بينهما بناء على مختاره من عدم كون الحجّيّة مجعولة بنفسها بل هي منتزعة عن الأحكام التكليفيّة ، ومع هذا المبنى لا محيص عن بيان الأصل. إلّا من هذا الطريق.
ويشكل ذلك بأنّ تلك الدعوى مبتنية على وجود الملازمة بين الحرمة ونفي الحجّيّة ، وهو غير ثابت ؛ لإمكان التفكيك بينهما ، كما صرّح به في الكفاية ضرورة أنّ حجّيّة الظنّ عقلا على تقدير الحكومة في حال الانسداد لا توجب صحّة الاستناد والتعبّد بالظنّ.
اجيب عنه بأنّ الحجّة في حال الانسداد هو العلم الاجمالي لا الظنّ ؛ فإنّ العلم
__________________
(١) تهذيب الاصول ٢ : ٨٦ ـ ٨٨.