الإجمالي بالأحكام مع عدم جواز الاحتياط في جميع الأطراف وعدم احتمال الإهمال يوجب حكم العقل بترجيح الظنّ على المشكوكات والموهومات في مقام الاحتياط ، فالظنّ ليس حجّة بما هو ظنّ بل الحجّة هو العلم الإجمالي ، ومقدّمات الانسداد على تقدير الحكومة لا تنتج حجّيّة الظنّ ، بل نتيجتها هو التبعيض في الاحتياط بالأخذ بالمظنونات دون غيرها لترجيحها على غيرها.
قال السيّد المحقّق الخوئي قدسسره : وعلى تقدير تسليم عدم انحلال العلم الإجمالى بدعوى العلم بأنّ التكليف أزيد من موارد الأخبار لا بدّ من التبعيض فى الاحتياط على نحو لا يكون مخلّا بالنظام ولا موجبا للعسر والحرج ، فلو فرض ارتفاع المحذور بإلغاء الموهومات وجب الاحتياط في المشكوكات والمظنونات ، وإذا لم يرتفع المحذور بذلك يرفع اليد عن الاحتياط في جملة من المشكوكات ويحتاط في الباقي منها وفي المظنونات ، وهكذا إلى حدّ يرتفع محذور الاختلال والحرج ، ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأزمان والحالات الطارئة على المكلّف والموارد ، ففي الموارد المهمّة التي علم اهتمام الشارع بها كالدماء والأعراض والأموال الخطيرة لا بدّ من الاحتياط حتّى في الموهومات منها وترك الاحتياط في غيرها بما يرفع معه محذور الاختلال والحرج على ما تقدّم بيانه.
فتحصّل : أنّ مقدّمات الانسداد على تقدير تماميّتها عقيمة عن إثبات حجّيّة الظنّ ؛ لتوقّفه على قيام دليل على بطلان التبعيض في الاحتياط ولم يقم ، فتكون النتيجة التبعيض في الاحتياط ، لا حجّيّة الظنّ. (١)
وربّما يستدلّ أيضا لعدم وجود الملازمة وجواز التفكيك بأنّ الشكّ حجّة في الشبهات البدويّة قبل الفحص مع أنّه لا يجوز انتساب المشكوك إليه تعالى ، ونحوه
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٢٣٣ ـ ٢٣٤.