الفصل الثاني : في مقدّمات الاطلاق
وليعلم قبل بيان المقدّمات أنّا نحتاج إلى مقدّمات الاطلاق في إثبات عدم دخالة قيد في الموضوع فيما إذا لم يستفد الاطلاق من نفس اللفظ وإلّا فلا مجال لتلك المقدّمات لأنّ الظهور حينئذ وضعيّ ولذا يمكن أن يقال بعدم الحاجة إليها بناء على ما نسب إلى المشهور من أنّ الإطلاق والشياع مستفاد من نفس اللفظ لأنّ الموضوع له هو المعنى الشائع فمع الظهور الوضعيّ لا حاجة إلى المقدّمات لإثبات الشيوع والإرسال.
ولكنّه على تقدير صحّة النسبة إلى المشهور مندفع بما مرّ من أنّ الموضوع له هو الماهيّة الجامعة المهملة من دون أخذ الشياع والإطلاق فيه.
أو يمكن أن يقال بأنّ الماهيّة في ذاتها لا إبهام فيها ما لم تلحظ مقيّدة بقيد مبهم بل هي في ذاتها سيّالة سارية ذات إطلاق فلو توجّه الحكم إليها سرى بتبع سرايتها لأنّ الطبيعة حينئذ تكون تمام الموضوع وما هذا شأنه لا ينفكّ عن الحكم فلا حاجة إلى نصب مقدّمات والتماس أمر آخر للدلالة على الإطلاق وسريان الحكم حيثما سرت الطبيعة (١).
ولكنّ الإبهام بالمعنى الاسمي وإن كان غير مأخوذ في الماهيّة إلّا أنّ الماهيّة قبل تماميّة المقدّمات قابلة للشيوع والسريان لا شائعة وإنّما تحتاج في فعليّة الإطلاق
__________________
(١) نهاية النهاية : ١ / ٣١٢.