الفصل الخامس : في عموميّة التكاليف
والخطابات لغير الموجودين والحاضرين
والبحث فيه ينبغي أن يقع في مقامين :
المقام الأوّل : الظاهر أنّ التكاليف التي لا تكون مقرونة بأداة الخطاب أو حروف الخطاب وليست بصيغ الأمر والنهي كقوله تعالى (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) أو قوله عزوجل (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) تكون بنحو القضيّة الحقيقيّة فلا تختصّ بالمشافهين بل يعمّ المعدومين والغائبين.
ربّما يشكل تعميم هذه التكاليف بالنسبة إلى المعدومين بأنّ تكليف المعدوم فعلا وفي حال عدمه لا يكون معقولا إذ البعث والزجر الفعلي بالنسبة إلى المعدوم يستلزم الطلب منه حقيقة ولا يكاد يكون الطلب كذلك إلّا من الموجود بالضرورة.
والجواب عنه واضح بأنّ مصاديق العناوين كعنوان الناس والمستطيع ونحوهما من موضوعات التكاليف منحصرة في الموجودين اذ المصداق لا يكون غير الموجود وكلّ طبيعة في القضيّة الحقيقيّة تحكي عن مصاديقها والمعدومات ليست بمصاديق لها وحيث لم يتقيّد الطبيعة بما يجعلها منحصر الانطباق على المصاديق المتحقّقة فعلا فلا محالة تعمّ مصاديقها بالنسبة إلى كلّ موجود في موطنه من الماضي والحال والاستقبال فالنظر في القضايا الحقيقيّة إلى الموجودين ولو كان الموجود في المستقبل معدوما في الحال ولكنّ التكليف متعلّق بحيثيّة وجوده لا بعدمه.
وعليه فشمول التكليف لغير الموجودين بالفعل والحاضرين لا مانع فيه