المتكلّم فيه بصدد بيان حكم الطبيعة بل يكون بصدد بيان حكم آخر فلا بدّ في اثبات الاطلاق من جريان مقدّمات الاطلاق هذا مضافا إلى أنّ الحكم متأخّر عن الموضوع العامّ برتبة وجريان المقدّمات متأخّر عنه برتبتين فلا يعقل توقّف دلالة الأداة على العموم عليه كما لا يخفى (١).
ولا ينافي ذلك تقييد المدخول بالقيود فإنّ مفاد كلّ هو استغراق المدخول من دون فرق بين أنّ يكون المدخول مع القيد أو بلا قيد.
وعليه لفظة كلّ أو جميع تدلّ بحسب الوضع في مثل قولنا كلّ رجل أو جميع طلّاب على الاستغراق في مدخوله فيسري الحكم المتعلّق به إلى جميع ما يمكن أن ينطبق عليه ماهيّة المدخول بما لها من المعنى والشاهد على ذلك هو التبادر العرفي وهذه الدلالة وضعيّة لفظيّة ولا تتوقّف على مقدّمات الحكمة كما لا يخفى.
وممّا ذكر يظهر وجه ضعف كلام صاحب الكفاية حيث ذهب إلى أنّ لفظة كلّ ونحوها من أداة العموم وإن كانت موضوعة للدلالة على العموم إلّا أنّ دلالتها على عموم جميع ما ينطبق عليه مدخولها من الأفراد والوجودات تتوقّف على جريان مقدّمات الحكمة فيه (٢).
وذلك لما عرفت من أنّ لفظة كلّ ونحوها تدلّ على استغراق أفراد المدخول بالظهور الوضعي ولا حاجة إلى جريان مقدّمات الحكمة بعد الدلالة الوضعيّة هذا مضافا إلى ما عرفت من تأخّر جريان المقدّمات عن الموضوع برتبتين فلا دلالة لها في الرتبة المتقدّمة.
__________________
(١) راجع مناهج الوصول : ٢ / ٢٣٣.
(٢) الكفاية : ١ / ٣٣٤.