والسابقة على من اشتغل عند القصد ببعض المقدّمات. واستشهد له بحرمة الإعانة على المحرّم حيث عمّمه بعض الأساطين لإعانة نفسه على الحرام ، ولعلّه لتنقيح المناط لا بالدلالة اللفظيّة. (١)
ولا يذهب عليك : أنّ الجمع المذكور بكلا شقّيه لا يخلو عن بعض الشواهد لشهادة بعض الأخبار عليه حيث إنّ الموضوع في الأخبار الأخيرة مقيّد بعدم الإتيان ولو بالمقدّمات ، بخلاف الموضوع في بعض الأخبار السابقة فإنّه مقيّد بمن أتى ببعض المقدّمات كالأخبار الواردة في لعن غارس الخمر وحارسها وعاصرها ونحوهم ممّن يقصد تحصيل الخمر وأخبار التقاء المسلمين بسيفهما ، أو أنّ الموضوع في بعض الأخبار السابقة مقيّد بمن يمنعه المانع كالأخبار الواردة في أنّ القاتل والمقتول من المؤمنين إذا تقاتلا كلاهما في النار ؛ إذ المقتول أراد قتل الآخر إلّا أنّ القاتل يمنعه عن ذلك ، بخلاف الموضوع في أخبار العفو بناء على اختصاصه بما إذا ارتدع عن الفعل بنفسه فتأمّل.
ولكن مع ذلك لا تعميم للجمع المذكور بكلا شقّيه بالنسبة إلى جميع الأطراف ؛ ولذا تبقى المعارضة في سائر الأطراف ممّا لم يتعرّض فيه إلّا نفس الإرادة والنيّة كأخبار العفو وأخبار نيّة المؤمن خير من عمله ونيّة الكافر شرّ من عمله وأخبار خلود أهل النار في النار وخلود أهل الجنّة في الجنّة بالنيّات والآيات والأخبار الدالّة على أنّ الرضا بعمل قوم بمنزلة الإتيان به أو أنّ ما في الأنفس والقلوب من نيّة المحرّمات مورد المؤاخذة والمحاسبة.
فالأولى أن يقال : يجمع بين هذه الأطراف أيضا باختلاف الموضوع من ناحية اخرى ، فما ذكره الشيخ مفتاح لكيفيّة الجمع بين الأخبار ؛ إذ الموضوع في سائر
__________________
(١) فرائد الاصول : ٧ ـ ٨.