وأيضا ألا ترى أنّه يحكم بصحّة الاقتداء فيمن اقتدى بشخص بتخيّل كونه زيدا فبان أنّه عمرو لأنّ الخطأ في التطبيق لا يخرج الاقتداء بالشخص الخارجي عن كونه قصديّا.
وأيضا ألا ترى أنّه يحكم بجواز الدخول في الدار لزيد إذا أذن صاحب الدار له بالدخول بتخيّل أنّه عمرو وقال له أدخل لأنّ تخيّله حيثيّة تعليليّة للإذن بالدخول له لا حيثيّة تقييديّة ، بخلاف ما إذا قال يا عمرو أدخل فإنّه لا يجوز حينئذ لزيد الدخول لعدم الإذن بالنسبة إلى دخول زيد.
فاتّضح ممّا ذكر أنّ تعلّق القصد بفعل بتخيّل كونه مصداقا لعنوان حرام يكفي في كون الفعل مقصودا أو اختياريّا وإن تخلّف قطعه بكونه مصداقا لذلك العنوان المحرّم. وعليه فلا وجه لدعوى عدم كونه فعلا اختياريّا ومقصودا ومع عدم كونه فعلا اختياريّا ومقصودا لا يكون موضوعا للحسن والقبح ؛ لما عرفت من كونه مقصودا ومع القصد يكون اختياريّا وتخلّف القطع لا يضرّ بذلك ، فيصحّ اتّصافه بالحسن والقبح. فإذا عرفت اختياريّة الفعل فلا وجه لما في الكفاية من أنّ العقاب إنّما يكون على قصد العصيان والعزم على الطغيان ، لا على الفعل الصادر بهذا العنوان بلا اختيار. (١)
نعم الفعل مجرّدا عن العزم على الطغيان لا يوجب الاستحقاق ؛ لأنّه ليس في نفسه قبيحا ، بل يكون قبيحا باعتبار صيرورته مصداقا للهتك بعد القطع بكونه خمرا أو حراما ، فالفعل مع القطع المذكور والعزم على المخالفة قبيح وارتكابه يوجب الاستحقاق ، وأيضا إنّ العزم مجرّدا عن الفعل لا يكون قبيحا ؛ إذ ليس العزم بما هو عزم مع قطع النظر عن متعلّقه وكونه عزما على المعصية فيه قبح ، بل قبحه من ناحية
__________________
(١) الكفاية ٢ : ١٤.