الشرعيّة عبارة عن ترخيصه حين عدم إحراز الواقع ، فالاحتياط الشرعي نفس التنجّز والبراءة الشرعيّة نفس التعذير بحكم الشارع ، فليس هنا شيء يقوم مقام القطع في التنجّز والتعذير. (١)
وفيه :
أوّلا : أنّه لا أثر للتنزيل في أدلّة الاحتياط العقلي التي تدلّ على لزوم الاحتياط في أطراف المعلوم بالإجمال أو الشبهة البدويّة قبل الفحص الّتي يحتمل فيها الحكم الشرعي ، وهكذا لا أثر للتنزيل في أدلّة الاحتياط الشرعيّ التي تدلّ على لزوم الاحتياط بنحو مخصوص وراء ما يدلّ عليه العقل ، كلزوم الاحتياط عند اشتباه القبلة بإتيان الصلاة إلى الجهات الأربعة ، مع أنّ العقل يدلّ على لزوم الاحتياط إلى أزيد من الجهات الأربعة.
فلا وجه لما يقال من أنّ الاحتياط والبراءة العقليين عين التنجيز والتعذير ، فلا مجال لتنزيل الاحتياط العقلي بالقطع في أثره ، وهو التنجيز والتعذير.
وثانيا : أنّ الموجب للاحتياط العقلي هو احتمال التكليف في الشبهة البدويّة قبل الفحص والشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي بل هو كذلك في الاحتياط الشرعي مثل إتيان الصلاة إلى أربع جهات مع الترديد في جهة القبلة. ومن المعلوم أنّ احتمال التكليف ليس عين التنجّز والتعذير بل أثره ذلك ، فلا مانع من تنزيل الاحتمال المذكور بمنزلة القطع في الأثر المذكور.
وممّا ذكر يظهر ما في الكفاية حيث استدلّ لعدم قيام الاصول غير المحرزة مقام القطع بأنّ الاحتياط العقلي نفس حكم العقل بتنجّز التكليف وصحّة العقوبة على مخالفته لا شيء يقوم مقامه في هذا الحكم ، مع أنّك عرفت أنّ وجهه أنّ الاصول
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٤٠ ـ ٤١.