وأمّا الثاني أي أخذ القطع بالحكم في موضوع الحكم المماثل ، فقد يقال إنّ ذلك غير ممكن. وبيان ذلك أنّه إذا قيل «إن قطعت بحرمة الخمر حرّمت عليك الخمر بحرمة اخرى» ، فإن قلنا بتعدّد الحكمين في موضوع واحد فهو مستحيل ، لأنّ الأحكام كالأعراض بلحاظ موضوعاتها ، فكما أنّ اجتماع الأعراض في الموضوع الواحد مستحيل ، فكذلك الأحكام التي نزلت منزلتها.
وإن لم نقل بتعدّد ، بل قلنا بالتأكّد ، ففيه أنّ التحريك التنزيليّ المنتزع عن الإنشاء بداعي جعل الداعي وإن كان يصحّ اعتبار الشدّة والضعف فيه ، لكن ليس ذلك بنحو الحركة والاشتداد ، بداهة أنّ الإنشاءين الصادرين لجعل الداعي ليس بينهما اتّصال في الوجود الوحداني كي يجري فيها الحركة والاشتداد ، وإن كان يختلف حمل الطبيعة على أفراد التحريك التنزيلي بالشدّة والضعف فيقال إنّ وجوب الصلاة أشدّ وأقوى من وجوب غيرها.
ولو فرض فيما نحن فيه ، تأكّد الداعي ، وتأكّد الإرادة ، وصدور التحريك المنزل منزلة التحريك الشديد ، وسقوط الإنشاء السابق عن كونه محرّكا ، كان خلفا ، وإلّا لكان من اجتماع المثلين.
ودعوى إمكان انتزاع البعث الأكيد عقلا من مجموع الإنشاءين ، فلا يلزم الخلف ولا اجتماع المثلين غير صحيحة ، لأنّ خارجيّة الأمر الانتزاعي بخارجيّة منشأ انتزاعه ، ومجموع الإنشاءين واحد بالاعتبار لا بالحقيقة ، فلا منشأ انتزاع للبعث الأكيد حقيقة حتّى يتحقّق البعث الأكيد انتزاعا.
ويمكن الجواب ، أمّا عن الأوّل ، بأنّا لا نسلّم كون الأحكام ، كالأعراض ، فإنّ الأعراض من الواقعيات ، والأحكام من الاعتباريّات.
فإن كان الكلام بلحاظ عالم الجعل فلا يلزم من أخذ القطع بالحكم في موضوع الحكم المماثل محذور اجتماع مثلين بعد كونهما من الاعتباريّات الّتي تكون خفيفة