ابن أبي حاتم ، قال : حدّثنا أبو زرعة ، قال : حدّثنا هشام بن عمّار ، قال : حدّثنا محمّد بن عبدالله القُرشي ، عن ابن شُبْرُمَةَ ، قال : دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمّد عليهماالسلام ، فقال لأبي حنيفة : «إتّق الله ولا تَقِس الدين برأيك ، فإنّ أوّل من قاس إبليس ، أمره الله عزوجل بالسجود لآدم فقال : ( أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ) (١) ، ثمّ قال : أتحسن أنْ تقيس رأسك من بدنك (٢) ؟».
قال : لا.
قال جعفر عليهالسلام : «فأخبرني لأيّ شيء جعل الله الملوحة في العينين والمرارة في الأُذنين ، والماء المنتن في المنخرين ، والعذوبة في الشفتين؟».
قال : لا أدري.
قال جعفر عليهالسلام : «لأنّ الله تبارك وتعالى خلق العينين فجعلهما شحمتين ، وجعل الملوحة فيهما منّاً منه على ابن آدم ، ولولا ذلك لذابتا ، وجعل الاُذنين مُرّتين ولولا ذلك لهجمت الدوابّ وأكلت دماغه ، وجعل الماء في المنخرين؛ ليصعد منه النفس وينزل ، ويجد منه الريح الطّيّبة من الخبيثة ، وجعل العذوبة في الشفتين؛ ليجد ابن آدم لذّة مطعمه ومشربه».
ثمّ قال جعفر عليهالسلام لأبي حنيفة : «أخبرني عن كلمة أوّلها شرك وآخرها إيمان».
قال : لا أدري.
قال : «هي كلمة : لا إله إلاّ الله ، لو قال : لا إله كان شرك ، ولو قال : إلاّ الله كان إيمان» ثمّ قال جعفر عليهالسلام : «ويحك ، أيّهما أعظم : قتل النفس أو
__________________
(١) سورة ص ٣٨ : ٧٦.
(٢) في «ش ، ن» جسدك.