وهي عند النصارى عبارة من موت الإنسان في الذنب ، أي انهماكه فيه لا غير. وأما البعث فإنهم يعترفون بقيام جميع الناس عند ظهور المسيح ، وبخلود أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ، ولم يتعرّضوا للبحث في هذا المقام.
وعند اليهود عبارة عن الموتة التي لا تكون بعدها موتة ... وفيه ما فيه ...
وعند المسلمين ، أما أهل السنّة والجماعة ، فالظاهر أنهم لا يعترفون بموتةٍ ثانية ، ولم يذكروا إلاّ الموتة الاولى والحياة الثانية ، وبعدها يساق الذين آمنوا إلى الجنة والذين كفروا إلى النار ، وقالوا : إن الاستثناء في مثل ( لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الْأُولى ) الدخان ٤٤ : ٥٦ منقطع.
وأمّا الاماميّة فيقولون : إنه إذا ظهر المعدي ـ رضياللهعنه ـ ونزل عيسى عليهالسلام ، يرجع حينئذٍ محمد صلّى الله عليه وسلّم وعلي وفاطمة والحسنان ـ رضي الله عنهم ـ ، ويرجع معهم الأبرار والفجار ، وتستقلّ لهم المملكة. واستدلّوا بآيات كثيرة منها قوله تعالى : ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ ) غافر ٤٠ : ٥١ وقالوا : إنّ علي بن إبراهيم وسهل بن عبدالله ، قد رويا عن الصادق رضياللهعنه : إن يوم يقوم الأشهاد يوم رجعة محمد صلّى الله عليه وسلّم. وبقوله تعالى : ( رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) غافر ٤٠ : ١١ وفيه بحث » (١).
فالموتة الثانية التي ذكرها يوحنا لا تنطبق إلاّعلى مذهب الإمامية وأما قوله : « وفيه بحث » فكلام مجمل ، فإنْ أراد الإشكال في مذهب الإمامية ، ففي كلماته الآتية الخالية من هذا التشكيك كفاية ...
وذكر جواد ساباط في بيان الامور المستفادة من رؤيا يوحنا :
« ومنها ـ الحصاة البيضاء ، وهي يدفعها عيسى أو روح القدس عليهاالسلام إلى المظفّر ، وهو الذي يكون بعده ، ولا يفهم ما كتب عليها إلاّ من
__________________
(١) البراهين الساباطية. البرهان الأول من المقالة الثالثة من التبصرة الثالثة.