لقرابته. فقالوا : حمزة أقرب منه وأخوه من الرضاعة وعمّه. وقال بعضهم : تركه من أجل ابنته.
فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فخرج إليهم ـ بعد ثالثة ـ فحمد الله وأثنى عليه محمّراً وجهه ، وكان إذا غضب احمرّ ـ عرف في وجهه ـ ثم قال :
أما بعد ذلكم ، فإنّ الله أوحى إلى موسى أنْ اتّخذ مسجداً طاهراً ، لا يسكنه إلاّهو وهارون وابنا هارون شبر وشبيراً. وإنّ الله أوحى إليّ أنْ أتّخذ مسجداً طاهراً لا يسكنه إلاّ أنا وعلي وابنا علي حسن وحسين ، وقد قدمت المدينة واتّخذت بها مسجداً ، وما أردت التحوّل إليه حتى امرت ، وما أعلم إلاّ ما علّمت ، وما أصنع إلاّما امرت ، فخرجت على ناقتي ، فلقيني الأنصار يقولون : يا رسول الله إنزل علينا ، فقلت : خلّوا الناقة فإنها مأمورة ، حتى نزلت حيث بركت. والله ما أنا سددت الأبواب ، وما أنا فتحتها ، وما أنا أسكنت عليّاً ، ولكن الله أسكنه » (١).
ورواه الشيخ إبراهيم الوصّابي باللّفظ المتقدم عن تاريخ محمّد بن الحسن بن زبالة ... في كتابه ( الإكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء ) الذي نص في خطبته على كون أخبار كتابه معتبرةً بقوله : « ... سألني بعض إخوان الصّفا من أهل الصدق والوفا ... أنْ أجمع له تأليفاً من الأحاديث النبويّة ، التي هي عن الثقات الأثبات مروية ، في فضل الصحابة ـ رضي الله تعالى عنهم ـ سيّما الأربعة الخلفاء ، ثم من سواهم من الصحابة ، على ما ورد في فضلهم خصوصاً وعموماً ، وفضل محبّيهم وذمّ مبغضيهم ، ليتّضح به أنّ محبّتهم واقتفاء آثارهم من أزكى القرب وأفضل الأعمال ، وأن المقتدين بهم على هدى من ربهم ومبغضيهم في غمرات الضلال ، فيظهر الحقّ على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ، فيحصل بذلك
__________________
(١) وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى : ٤٧٨ ـ ٤٧٩.