فلهذا رجع الشيخ أبو عبدالله إلى خبر الطير ، لأنه قد دلّ بظاهره على ثبوته أفضل في الحال ، وكلّ من أثبته في تلك الحال أفضل قضى باستمرار هذه الصفة فيه.
وهكذا خبر المنزلة ، لأنها إذا لم يُرد بها ما يتّصل بالإمامة ، فيجب أنْ يريد به الفضل الذي يلي هارون فيه موسى ـ عليهماالسلام ـ.
فإن أراد بعضهم إثبات أنه أفضل في غالب الظن ، بالرجوع إلى أمارات مخصوصة من نحو ما انتشر عنه من الزهد والعبادة والعناء في الحرب والسبق إلى الإسلام وغير ذلك ، فهذا غير ممنوع منه ، وإليه ذهب بعض الشيوخ الذي آثروا الموازنة.
وقد أحال في الكتاب على الكتاب المغني ، لأنّه حكى هناك عمدة ما كان الشيخ أبو عبدالله يذكره في هذا الباب ، وبالله التوفيق ».
أقول :
فخبر المنزلة مثل خبر الطير في الدلالة على أفضليّة أمير المؤمنين عليهالسلام ، وثبوت الأفضليّة له من حديث المنزلة كافٍ لدلالته على الخلافة ، لوجوب تقديم الأفضل على المفضول ، وهو واضح جدّاً ، حتى اعترف به والد ( الدهلوي ).
وقال القاضي عبد الجبّار في ( المغني ) في البحث عن حديث المنزلة :
« فإنْ قيل : فما المراد عندكم بهذا الخبر. قيل له : إنه ـ عليهالسلام ـ لمّا استخلفه على المدينة وتكلّم المنافقون فيه ، قال هذا القول دالاًّ على لطف محلّه منه و [ قوّة ] سكونه إليه واشتداد ظهره به ، ليزيل ما خامر القلوب من الشبهة في أمره ، وليعلم أنه عليهالسلام إنما استخلفه لهذه الأحوال التي تقتضي نهاية الإختصاص ».