أبداً ... بل إن عدمه هو الثابت ، لوجوه كثيرة منها كون ذلك منافياً لدخوله في جيش اسامة الثابت بإفادات الأكابر وروايات الثقات كما في ( فتح الباري ) (١) وغيره (٢).
ولكنْ قد تحقّق بالأدلّة القاطعة استخلاف أمير المؤمنين عليهالسلام ، واعترف بذلك أعاظم القوم ، وحتى النواصب لم يتمكّنوا من إنكاره ، وإنْ زعموا كونه مقصوراً على الأهل ، لأن ثبوت الخلافة على بعض الامة كافٍ لثبوتها مطلقاً لعدم القول بالفصل ... وهذا الإستدلال من القوّة والمتانة بمثابة ألجأ التفتازاني إلى ذكره في هذا المقام فقال :
« وأما الجواب بأنّ النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لمّا خرج إلى غزوة تبوك استخلف عليّاً ـ رضي الله تعالى عنه ـ على المدينة ، فأكثر أهل النفاق في ذلك. فقال علي ـ رضياللهعنه ـ : يا رسول الله أتتركني مع الخوالف؟ فقال عليه الصلاة والسلام : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبيّ بعدي. وهذا لا يدل على خلافته ، كابن ام مكتوم ـ رضي الله تعالى عنه ـ استخلفه على المدينة في كثير من غزواته.
فربما يدفع بأن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب.
بل ربما يحتج بأنّ استخلافه على المدينة وعدم عزله عنها ، مع أنّه لا قائل بالفصل ، وأنّ الإحتياج إلى الخليفة بعد الوفاة أشدّ وأوكد منه حال الغيبة ، يدل على كونه خليفة » (٣).
لقد ذكر التفتازاني هذا الإحتجاج وسكت عنه ، والسكوت بعد نقل الكلام
__________________
(١) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٨ / ١٩٢.
(٢) لنا رسالة في صلاة أبي بكر في مرض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مطبوعة ضمن ( الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السنّة ) فعلى الباحثين مراجعتها.
(٣) شرح المقاصد ٥ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦.