بزعم هؤلاء! لكنّ هذا ممّا لا يلتزمون به قطعاً ، فما قالوه هو في الحقيقة تنقيص وتعيير لخليفتهم من حيث يشعرون أو لا يشعرون.
وعلى الجملة ، فإنّ هذا الحديث الذي يروونه عن إمامهم دليل ساطع على أنّ حديث المنزلة يدل على مقامٍ جليلٍ ومرتبة رفيعةٍ من خصائص أمير المؤمنين ... يتمنّاها عمر وغيره من الصحابة ... فهو يدل على أفضلية أمير المؤمنين عليهالسلام منهم جميعاً ... لكنّ المتعصّبين منهم يخالفون ـ في هكذا الموارد ـ حتى إمامهم الذي يقتدون به ، وخليفتهم الذي يقولون به ... فيأتون بترّهات عجيبة وخرافات غريبة ... إنهم يحاولون استصغار كلّ فضليةٍ ومنقبةٍ خاصة بمولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ، دالّة على أفضليّته ممّن سواه ... وكذلك يفعلون ...
انظر مثلاً إلى تقوّلاتهم في باب إبلاغ سورة براءة ... هذا الحديث الذي اتفق الكلّ على روايته ، ويعدّ من أجلى أدلّة أفضليّة أمير المؤمنين عليهالسلام ... كيف يستصغرون هذه الواقعة ويقلّلون من قدرها ، مع أن أبا بكر نفسه يشعر بدلالة الواقعة بأمر الله ورسوله على تقدم علي عليهالسلام ، ففي رواية النسائي : « فوجد أبو بكر في نفسه » (١). وفي رواية المتقي عن أحمد وابن خزيمة وأبي عوانة والدارقطني : « فلما قدم أبو بكر بكى فقال : يا رسول الله أحدث فيَّ شيء ...؟ » ... إلى غير ذلك ممّا هو صريح في أنّ ما فعله النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بأمرٍ من الله عزّوجلّ ، أمر جليل وله شأن عظيم ...
فإذا كان أهل السنّة يقلّلون من شأن واقعة إبلاغ سورة البراءة ، فإنهم في الحقيقة يحقّرون إمامهم ...
وأنظر مثلاً إلى تقوّلاتهم وأباطيلهم في توهين قضية الطائر المشويّ ... مع
__________________
(١) الخصائص : ٦٨ ح ٧٢.