بالله تعالى والزنا والسرقة وأشباه ذلك. ومنها ما هو قبيح بمعنى في غيره.
فنقول : كلّ ما هو حسن أو قبيح بمعنى في غيره ، فإن الحسن ما يكون حسناً باستحسان الشرع ، والقبيح ما يكون قبيحاً باستقباح الشرع ، ولا مجال للعقل في هذا.
وكلّ منها هو حسن بعينه أو قبيح بعينه فنقول : الحسن حسن والشرع يستحسنه. والقبيح قبيح والشرع يستقبحه.
هكذا روي عن أبي حنيفة رحمهالله أنه قال في كتاب العالم والمتعلّم : إن الظلم قبيح بعينه ، ولا نقول قبيح أو حسن بالعقل ، بل نقول نعرف هذا الحسن والقبيح بدلالة العقل ، كما نعرف بدلالة الشرع ، حتى لو لم يكن الشرع ، فالإسلام والعبادات وما يشاكله يكون حسناً بعينه ، والكفر والظلم يكونان قبيحين بعينهما » (١).
وقال الغزالي :
بعد أنْ نفى الحسن والقبح العقليين تبعاً للأشاعرة : بأن هذا لا يشفي العليل ولا يزيل الغموض ، وهذا نص كلامه :
« فإنْ قيل : فإنْ لم يكن مدرك الوجوب مقتضى العقول ، أوى ذلك إلى إفحام الرسول ، فإنه إذا جاء بالمعجزة وقال : انظر فيها ، فللمخاطب أن يقول : إن لم يكن النظر واجباً فلا اقدم عليه ، وإنْ كان واجباً ، فيستحيل أن يكون مدركه العقل ، والعقل لا يوجب ، ويستحيل أن يكون مدركه الشرع ، والشرع لا يثبت إلاّبالنظر في المعجزة ، ولا يجب النظر قبل ثبوت الشرع ، فيؤدي إلى أن لا يظهر صحة النبوة أصلاً.
والجواب : إن هذا السؤال مصدره الجهل بحقيقة الوجوب ، وقد بيّنا أن
__________________
(١) التمهيد في بيان التوحيد ، الباب الأول في العقل : ١٦.