ذات الله تعالى؟ وهذا هو قول الفلاسفة ، فإن عندهم أيضاً ابصار الشيء مشروط بانطباع صورة صغيرة مشابهة للذلك المرئي في الرطوبة الجليدية ، وإذا كان ذلك في حق الله تعالى محالاً لاجرم لم تثبت الصحة.
سلّمنا حصول الصحة ، لكن لِمَ قلت أن القابل للصفة يستحيل خلوه عنها وعن ضدها معاً ، وقد تقدم تقريره.
سلّمنا ذلك : لكن ما المعنيّ بالنقص؟
ثم لم قلت أن النقص محال؟
فإنْ رجعوا فيه إلى الإجماع صارت الدلالة فيه سمعيّة ، وإذا كان الدليل على حقيّة الإجماع هو الآية ، والآيات الدالّة على السمعية والبصرية أظهر دلالةً من الآيات الدالة على صحة الإجماع ، فكان الرجوع في هذه المسألة إلى التمسّك بالآيات أولى : فالمعتمد التمسّك بالآيات ، ولا شك أن لفظ السمع والبصر ليس حقيقةً في العلم بل مجازاً فيه ، وصرف اللفظ عن الحقيقة إلى المجاز لا يجوز إلاّعند المعارض ، وحينئذٍ يصير الخصم محتاجاً إلى إقامة الدليل على امتناع اتّصافه تعالى بالسمع والبصر.
ومن الأصحاب من قال : السميع والبصير أكمل ممّن ليس بسميع ولا بصير ، والواحد منا سميع وبصير ، فلو لم يكن الله تعالى كذلك لكان الواحد منا أكمل من الله تعالى ، وهو محال.
لكن هذا ضعيف ، لأن للقائل أن يقول : الماشي أكمل ممّن لا يمشي ، والحسن الوجه أكمل من القبيح ، والواحد منّا موصوف به ، فلو لم يكن الله تعالى موصوفاً به لزم أن يكون الواحد منّا أكمل من الله تعالى.
فإن قلت : هذا صفة كمال في الأجسام ، والله تعالى ليس بجسم ، فلا يتصور ثبوته في حقه.