تريدون؟ فعيّنوا ، وذكر لهم ما أرادوا ، وكذلك فعل في الفقه والخلاف ، لم يذكر إلاّما عيّن الجماعة له ، فعجبوا لكثرة استحضاره.
قال ابن النجّار : حدّثني شيخنا أبو القاسم الصوفي قال : صلّى شيخنا القزويني بالناس التّراويح في ليالي شهر رمضان ، وكان يحضر عنده خلق كثير ، فلمّا كان ليلة الختم دعا وشرع في تفسير القرآن من أوّله ولم يزل يفسّر سورة حتّى طلع الفجر ، فصلّى بالناس صلوة الفجر بوضوء العشاء ، وخرج من الغد إلى المدرسة النّظاميّة ، وكان نوبته في الجلوس بها ، فلما تكلّم في المنبر على عادته وكان في المجلس الأمير قطب الدين قيماز والأعيان ، فذكر لهم أنّ الشيخ ليلتئذ فسّر القرآن كله في مجلس واحد ، فقال قطب الدّين : الغرامة على الشيخ واجبة ، فالتفت الشيخ وقال : إنّ الأمير أوجب علينا شيئاً ، فإن كان لا يشق عليكم وفينا به ، فقالوا : لا بل نُؤثر ذلك ، فشرع وفسّر القرآن من أوّل إلى آخره من غير أن يعيد كلمة ممّا ذكر ليلاً ، فأبلس الناس من قوّة حفظه وغزارة علمه.
قال أبو أحمد بن سكينة : لمّا أظهر ابن الصاحب الرفض ببغداد ، جاءني القزويني ليلاً فودّعني وذكر أنّه متوجّه إلى بلاده ، فقلت : إنّك هاهنا طيّبٌ تنفع النّاس ، فقال : معاذ الله أن اقيم ببلدة يجهر فيها بسبّ أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، ثمّ خرج من بغداد إلى قزوين ، وكان آخر العهد به.
قلت : أقام بقزوين معظّماً محترماً إلى أن توفي بها.
قال الرافعي في الأمالي : كان يعقد المجالس للعامّة ثلاث مرّات في الأسبوع إحداهما صبيحة يوم الجمعة ، فتكلّم على عادته يوم الجمعة ثاني عشر المحرّم سنة تسعين وخمسمائة في قوله تعالى ( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ ) وذكر أنّها من أواخر ما نزل ، وعدّ الآيات المنزلة آخراً منها( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) ومنها سورة النصر