بالغيب ... فليته قال : لم أره في تصانيفه البيهقي ، بأنْ يقصد : إنّي لمّا لم أر كتب البيهقي ، فلا جرم لم أعثر على هذا الحديث فيها ، وأمّا النفي الواقعي والإخبار الحقيقي عن عدم وجوده في تصانيف البيهقي ، فذلك كذب صريح يستبعد صدوره بالنسبة إلى الأمور الدينيّة من أجهل الناس فضلاً عن الأفاضل.
اللهمّ إلاّ أن يعتذر أولياء ( الدهلوي ) بأنّه نفى وجود أثر من هذا الحديث في مصنّفات البيهقي ، ونفي وجود الأثر لا ينافي وجود العين!!
إنّا لا نستبعد أن يلتجئ أولياء ( الدهلوي ) إلى هذا العذر الواهي ... إنّهم يجدون أنّ ابن تيميّة الّذي هو إمامهم في المكابرة والعناد وإنكار الحقائق والفضائل الثابتة ... لا ينكر وجود هذا الحديث في مصنّفات البيهقي ، لأنّه يعلم بوجوده فيها ، فيضطر إلى جرح البيهقي نفسه والقدح فيه ، ... إنّه يقول في جواب عبارة العلاّمة الحلي المتقدمة :
« والجواب أن يقال : أوّلاً : أين إسناد هذا الحديث؟ والبيهقي يروي في الفضائل أحاديث كثيرة ضعيفة بل موضوعة ، كما جرت عادة أمثاله من أهل العلم. ويقال ثانياً : هذا الحديث كذب موضوع على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، بلا ريب عند أهل العلم بالحديث ، ولهذا لا يذكره أهل العلم بالحديث ، وإن كانوا حراصاً على جمع فضائل علي ، كالنسائي ، قصد أن يجمع فضائل علي في كتابٍ سمّاه الخصائص ، والترمذي قد ذكر أحاديث متعددة في فضائله ، وفيها ما هو ضعيف بل موضوع ، ومع هذا لم يذكروا هذا ونحوه » (١).
فأنت ترى ابن تيمية يرمي الحديث بالضعف بل بالوضع ، ويصف البيهقي وأمثاله برواية أحاديث ضعيفة بل موضوعة ، فلو لم يكن العلاّمة الحلّي صادقاً في عزو الحديث إلى البيهقي ، لكان الردّ عليه من هذه النّاحية أقوى وأشد ...
__________________
(١) منهاج السنّة ٥ / ٥١٠.