إخواني الشافعيَّ قاعداً في الجامع على سرير وهو يقول : قد استفدت اليوم من كتاب الفقيه حديث كذا وكذا.
وأخبرنا أبي قال : سمعت الفقيه أبا محمّد الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ يقول : سمعت الفقيه محمّد بن عبدالعزيز المروزي يقول : رأيت في المنام كأنَّ تابوتاً علا في السماء يعلوه نور ، فقلت : ما هذا؟ فقال : تصنيفات أحمد البيهقي.
ثم قال شيخ القضاة : سمعت الحكايات الثالث من الثلاثة المذكورين.
قلت : هذه الرؤيا حق ، فتصانيف البيهقي عظيمة القدر ، غزيرة الفوائد ، قلَّ من جوّد تواليفه مثل الإمام أبي بكر ، فينبغي للعالم أنْ يعتني بها ، ولا سيّما سننه الكبير.
وقد قدم قبل موته بسنةٍ أو أكثر إلى نيسابور وتكاثر عليه الطلبة ، وسمعوا منه كتبه ، وجلبت إلى العراق والشام والنواحي ، واعتنى بها الحافظ أبو القاسم الدمشقي ، وسمعها من أصحاب البيهقي ، ونقلها إلى دمشق هو وأبو الحسن المرادي.
وبلغنا عن إمام الحرمين أبي المعالي الجويني قال : ما من فقيهٍ شافعي إلاّ وللشافعي عليه منّة إلاّ أبا بكر البيهقي ، فإنّ المنّة له على الشافعي ، لتصانيفه في نصرة مذهبه.
قلت : أصاب أبو المعالي هكذا ، ولو شاء البيهقي أن يعمل لنفسه مذهباً لكان قادراً على ذلك ، لسعة علومه ومعرفته بالإختلاف ، ولهذا تراه يلوح بنصر مسائل ممّا صحّ في الحديث ... » (١).
٦ ـ أيضاً : « البيهقي الإمام الحافظ العلاّمة شيخ خراسان ... فذكر
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٨ / ١٦٣.