هو في الحقيقة تفسيق لهؤلاء الأساطين.
السادس : قال السمعاني في ( ذيل تاريخ بغداد ) : « والخطيب في درجة القدماء من الحفّاظ والأئمّة الكبار كيحيى بن معين ، وعلي بن المديني ، وأحمد بن أبي خيثمة ، وطبقتهم ، وكان علاّمة العصر ، اكتسى به هذا الشأن غضارة وبهجةً ونضارة » (١).
وهذا الكلام يبطل ما ذكره ( الدهلوي ) من جعل الخطيب من المحدّثين المتأخّرين المخلّطين ، فلا تغفل.
قوله :
إلاّ أنّه لقلّة الفرصة عندهم وقصر أعمارهم ، لم يتمكّنوا من ذلك ...
أقول :
نعم ، لقد صرف ( الدهلوي ) عمره الطويل في طلب الشهرة وتحصيل الجاه ، وتخديع العوام ، فلم تبق له فرصة لأنْ يلقي نظرة ثانية على كتابه المنتحل من خرافات الكابلي ، فيميز بها الموضوعات الصريحة والمكذوبات الفضيحة ، من الكلمات المليحة والإفادات الصحيحة ...
لكن المتأخّرين عنه ـ خصوصاً تلميذه الرشيد الدّهلوي ـ حاولوا الاحتراز عن الخطّ الّذي مشى عليه ( الدهلوي ) ، كيلا يتورّطوا كما تورّط ، ولا يقعوا في الهوة السحيقة التي وقع فيها ، إلاّ أنّ لكلّ منهم توهّمات غريبة وأكذوبات ظاهرة ، كما لا يخفى على من نظر في الأجوبة والردود المكتوبة على مؤلَّفاتهم.
__________________
(١) أنظر : الوافي بالوفيات ٧ / ١٩٤.