أقول :
مراد ( الدهلوي ) من لفظ ( الامتياز ) هو ( التّمييز ) ، والقول بأنّ هؤلاء ميّزوا الأحاديث بعضها عن بعضٍ ، يضره ولا ينفعه ، لوجود الأحاديث الكثيرة التي نقلها هؤلاء المتأخرون ـ كالمتقدمين عليهم ـ تؤيِّد الشيعة وتثبت مطلوبهم ...
ألا ترى أنّ السخاوي الحافظ ، أورد حديث ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ) في كتابه ( المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة ) وذهب إلى القول بصحّته ، واستشهد بكلام الحافظ العلائي في تصحيحه ، خلافاً لمن اقتدى به ( الدهلوي ) وذهب إلى بطلانه ، فإذا كان السخاوي قد ميَّز الحسان من غيرها ـ كما يقول هنا ـ فقد سقط وبَطَل ما ذكر هناك.
وأيضاً ، إذا كان السيوطي من نقّاد الحديث ، وأنّه قد جمع في ( الدرّ المنثور ) الأحاديث الحسان لغيرها ـ كما تفيد عبارته هذه ـ ، فإنّ كتابه ( الدر المنثور ) يشتمل على كثير من الأحاديث المؤيدة لمذهب الإماميّة ، والمبطلة لمزاعم مخالفيهم ، كما لا يخفى على من لاحظ مثلاً ما ذكره السيوطي في الآية : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) والآية : ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) وفي تفسير سورة البراءة ... وغيرها ...
وأمّا ابن الجوزي ، فالسبب في جعله من نقّاد الحديث والمميّزين لحقّه من باطله ، هو ـ والعياذ بالله إبطاله لكثيرٍ من مناقب أمير المؤمنين عليهالسلام ، والتي أوردها هذا الرجل في ( الموضوعات ) مثل : حديث الطير ، وحديث أنا مدينة العلم ...
لكن ( الدهلوي ) لن يتحقّق غرضه من نقل آراء ابن الجوزي في مناقب