الله الأنبياء بأقلّ ما نعتهم بالحلم ، وذلك لعزّة وجوده ، ولقد نعت الله به إبراهيم عليهالسلام بقوله تعالى : ( إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ) ( إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ) ومن مجادلته عن لوط فقال : ( إِنَّ فِيها لُوطاً ) في عدة من الآيات. ومن حلمه عليهالسلام الّذي تخفّ عنه رواسي الجبال : امتثاله لأمر الله تعالى بذبح ولده عليهماالسلام ، وإضجاعه ، وكتفه له ، وإمرار المدية على حلقه ، لولا منع الله لها أن تقطع ، فلهذا وصفه الله ووصف ولده بالحلم.
وشبّهه صلّى الله عليه وسلّم بيحيى بن زكريا عليهماالسلام في زهده ، ويحيى عليهالسلام هو علم الزهادة في أبناء آدم ، من تأخّر منهم ومن تقدّم ، وقد ملئت الكتب باليسير من صفات زهده.
وشبّهه صلّى الله عليه وسلّم بكليم الله في بطشه ، وكان موسى شديد البطش ، وناهيك أنّه ذكر القبطي فقضى عليه ، وأراد البطش بالآخر ، وهو في بلد فرعون ، وتحت يده بنو إسرائيل أرقّاء في يد فرعون ، وكان القبط أهل الصولة والشوكة والدولة.
وشبّهه في الحديث الآخر بيوسف في جماله ، ويوسف في جماله شمس لا يزيدها الوصف إلاّخفاءً ، فهي أظهر من أنْ تظهر. وقد سبق صفة أمير المؤمنين : وإنّ عنقه كأنّه إبريق فضة ، وإنّه كان أغيد ، وغير ذلك من الصفات الحسنة.
إذا عرفت هذا ، فهذه شرائف الصفات : الحلم ، والعلم ، والفهم ، والزهادة ، والبطش ، والحسن.
ثمّ إنّه حاز أكمل كلّ واحدة مها ، فإنّ علم الرسل أكمل العلوم ، وحلمهم أكمل الحلم ، وفهمهم أتمّ فهم ، وزهادتهم أبلغ زهادة ، وبطشهم أقوى بطش.
فناهيك من رجل كمّله الله بهذه الصفات ، وأخبر نبيه صلّى الله عليه