يظهر المعنى الكامل للحديث ويتّضح المراد منه جيّداً ... قال التفتازاني :
« [ وأداته ] أي أداة التّشبيه [ الكاف وكأنّ ] وقد يستعمل عند الظنّ بثبوت الخبر من غير قصدٍ إلى التشبيه ، سواء كان الخبر جامداً أو مشتقاً ، نحو كأنّ زيداً أخوك ، وكأنّه قدم [ ومثل وما في معناه ] ممّا يشتق من المماثلة والمشابهة ، وما يؤدّي هذا المعنى [ والأصل في نحو الكاف ] أي في الكاف ونحوها ، كلفظة نحو ومثل وشبه ، بخلاف كأن ويماثل ويشابه [ أنْ يليه المشبَّه به ] لفظاً نحو : زيد كالأسد ، أو تقديراً نحو قوله تعالى ( أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ ) على تقدير : أو كمثل ذوي صيّب [ وقد يليه ] أي نحو الكاف [ غيره ] أي غير المشبّه به [ نحو ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ ) ] الآية ، إذ ليس المراد تشبيه حال الدنيا بالماء ، ولا بمفردٍ آخر يتمحّل تقديره ، بل المراد تشبيه حالها في بهجتها ونضارتها ، وما يتعقّبها من الهلاك والفناء بحالة النبات الحاصل من الماء ، يكون أخضر ناضراً ، ثمّ ييبس فيطيره الرياح كأن لم يكن ، ولا حاجة إلى تقدير كمثل ماء ، لأنّ المعتبر هو الكيفيّة الحاصلة من مضمون الكلام المذكور بعد الكاف ، واعتبارها مستغن عن هذا التقدير ، ومن زعم أنّ التقدير كمثل ماءٍ ، وأنّ هنا ممّا يلي الكاف غير المشبّه به ، بناءً على أنّه محذوف ، فقد سها سهواً بيّنا ، لأنّ المشبّه به الّذي يلي الكاف قد يكون ملفوظاً ، وقد يكون محذوفاً على ما صرّح به في الإيضاح [ وقد يذكر فعل ينبىء عنه ] أي عن التشبيه [ كما علمت زيداً أسداً إن قرب التشبيه ] وادّعى كمال المشابهة ، لما في علمت من معنى التحقيق ، وحسبت زيداً أسداً [ أن بعد ] التشبيه بأدنى تبعيد ، لما في الحسبان من الإشعار بعدم التحقّق والتيقّن ، وفي كون مثل هذه الأفعال منبئاً عن التشبيه نوع خفاء ، والأظهر أن الفعل ينبئ عن