فإنّه أراد أن يقول : إنّ الممدوح قد فاق الناس ، بحيث لم يبق بينه وبينهم مشابهة ، بل صار أصلاً برأسه وجنساً بنفسه ، وهذا في الظاهر كالممتنع ، لاستبعاد أنْ يتناهى بعض آحاد النوع في الفضائل الخاصة بذلك النوع ، إلى أن يصير كأنّه ليس منها ، فاحتجّ لهذه الدعوى وبَيّن إمكانها ، بأنْ شبه حاله بحالة المسك الّذي هو من الدماء ، ثمّ إنّه لا يعدّ من الدماء ، لما فيه من الأوصاف الشريفة التي لايوجد في الدم.
فإن قلت : أين التشبيه في هذا البيت؟
قلت : يدلّ البيت عليه ضمناً ، وإن لم يدلّ عليه صريحاً ، لأنّ المعنى :
إن تفق الأنام مع أنّك واحد منهم ، فلا استبعاد في ذلك ، لأنّ المسك بعض دم الغزال وقد فاقها حتّى لا يعدّ منها ، فحالك شبيهة بحال المسك ، ويسمّى مثل هذا تشبيهاً ضمنياً ، أو تشبيهاً مكنياً عنه » (١).
أقول :
فليكن التشبيه في الحديث مقدَّراً كذلك ، فيكون معنى الحديث : من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه ، فلينظر إلى علي ، فإنّه مساوٍ لادم في العلم ، أو مثله في العلم. وهكذا في باقي الصفات.
قوله :
ومن هنا ، أدخلوا في التشبيه الشعر المشهور :
لا تعجبوا من
بلى غلالته |
|
قد زرّ أزراره
على القمر |
__________________
(١) المطول في شرح التلخيص : ٣٣٠ ـ ٣٣١.