التشبيه المضمر في النفس ـ بأن يثبت للمشبّه أمر مختص بالمشبّه به ، من غير أن يكون هناك أمر متحقّق حسّاً أو عقلاً ، يطلق عليه ذلك الأمر ، فيسمّى التشبيه المضمر في النفس استعارة بالكناية ، أو مكنّياً عنها ، أمّا الكناية فلأنّه لم يصرّح به ، بل إنّما دلّ عليه بذكر خواصّه ولوازمه ، وأمّا الاستعارة فمجرّد تسمية خالية عن المناسبة ، ويسمى إثبات ذلك الأمر المختص بالمشبه للمشبّه استعارة تخييلية ، لأنّه قد استعير للمشبه ذلك الأمر الّذي يختصّ بالمشبّه به ، وبه يكون كمال المشبّه به أو قوامه في وجه الشبه ، ليخيّل أنّ المشبّه من جنس المشبّه به » (١).
قوله :
وفهم المساواة بين المشبّه والمشبّه به من كمال السفاهة.
أقول :
هذا الكلام يدلّ على نهاية متانة هذا الرجل وكثرة ديانته!! فقد عرفت وجود استعمال التشبيه في المساواة ، في القرآن والحديث واستعمالات العلماء ، فكلام الرّجل ردّ في الحقيقة على الكتاب والسنّة والعلماء ، وسائر أرباب الفهم وأصحاب البلاغة ...
إنّ كلّ من يراجع الكتب العلميّة ككتب الصرف والنحو ، والمعاني والبيان ، والحكمة والمنطق ، والفقه وأصوله ، يجدها مليئةً بذكر التمثيلات للقواعد الكليّة بأدوات التشبيه ، مثل الكاف ونحو ومثل ونحوها ، فيقال مثلاً : كلّ فاعل مرفوع ، نحو : قام زيد ، وكلّ مفعول منصوب ، كأكرمت زيداً ... ولا شك في أنّ المراد من
__________________
(١) المختصر في شرح التلخيص : ١٧٠.