بالكلام الركيك والفارغ ، وذلك غير جائز.
قال أبو حامد الغزالي : « مسألة ـ قال القاضي : حمل كلام الشارع على ما يلحق بالكلام الرث محال ، ومن هذا الفن قول أصحابنا في قوله تعالى : ( وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) مكسورة اللام ، لقرب الجوار ، ردّاً على الشيعة ، إذ قالوا : الواجب فيه المسح ، وهو كقوله : ( وَحُورٌ عِينٌ ) وكقول العرب : جحر ضب خرب ، وكقول الشاعر :
كأن ثبيراً في
عرانين وبله |
|
كبير أناس في
بجاد مزمل |
معناه : مزمل به ، لأنّه من نعت الكبير ، وهو مرفوع ، لكن كسر لقرب الجوار.
وليس الأمر كما ظنّوه في هذه المواضع ، بل سببه : إنّ الرفع أبين من الكسر ، فاستثقلوا الانتقال من حركةٍ خفيفةٍ إلى ثقيلة ، فوالوا بين الكسرتين.
وأمّا النصب في قوله : ( وَأَرْجُلَكُمْ ) فنصب في المعنى ، والنصب أخف الحركات ، والإنتقال إليه أولى من الجمع بين الكسرتين الثقيلتين بالنسبة إلى النصب ، فلم يبق لقرب الجوار معنى ، إلاّمراعاة التسجيع والتقفية ، وذلك لا يليق بالقرآن ، نعم حسن النظم محبوب من الفصيح ، إذا لم يخل بالمقصود. فأمّا الإخلال بالمعنى واتباع التقفية ، فمن ركيك الكلام » (١).
ولو لم يدلّ التشبيه في الحديث على المساواة ، وجاز حمل تشبيه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على تشبيه الترب بالمسك ونحوه ، جاز أنْ يقال في حقّ شيخ من شيوخ ( الدهلوي ) أو تلميذٍ من تلامذته : إنّه مثل إبليس ، أو يقال في حقّ ( الدهلوي ) نفسه أو والده : « إنّه مثل أبي لهب « مثل أبي جهل » أو يقال ذلك في حقّ كبار أهل السنّة ، أو في حقّ الخلفاء الثلاثة وأعوانهم ...
__________________
(١) المنخول في علم الأصول : ٢٠١ ـ ٢٠٣.