قلت : واهاً لك ، ما لمالك والأعظميّة بالمدينة الطيّبة في ذلك ، مع وجود إمام المسالك هنالك؟! وهو إمام الأعلام ، منبع المعارف والحقائق ، جعفر بن محمّد الصادق ، وهل الإمام مالك إلاّمن خادمي حضرته العليّة ، وملازمي عتبته السنيّة ، وسلسلته سلسلة الذهب أباً عن جدٍ ، إلى المرتضى ، وللصادق انتسابٌ إلى أبي بكر الصدّيق أيضاً.
وكأنّ صاحب القرّة ليست له خبرة بحال الإمام عبيدالله بن عمر العمري ، وقد فضّله يحيى بن سعيد ، والإمام أحمد ، وعمرو بن علي الفلاس ، على مالك في نافع ، ثبتاً وحفظاً وإكثاراً لرواية ، وأنكروا على ابن مهدي العكس. وكذا قد قدّمه وآثره عليه الزهري ، إذ قرأ الكتاب لديه ، وقال أبو بكر ابن منجويه : كان من سادات أهل المدينة ، وأشراف قريش ، فضلاً وعلماً وعبادة وشرفاً وحفظاً وإتقاناً.
ولا بحال الإمام عبدالله بن عبدالعزيز العمري الحافظ الفقيه الصوفي ، وقد فضّله السفيانان وعبد الرزاق ، في رواية صحيحة عنهم ، والطحاوي ، وآخرون ، على الإمام مالك ، ورأوا الحمل عليه حديث [ فالحديث ] ضرب أكباد الإبل. وقد كتب الإمام مالك إليه ، إذ كتب هو إلى مالك يحضّه على التفريد ، ما نصّه : ما أظنّ ما أنا فيه بدون ما أنت فيه ، ونرجو أنْ يكون كلّنا على خير ، ويجب على كلّ واحد منّا أن يرضى بما قسمه الله له.
ثمّ الإمام مالك وإنْ مال بعدُ إلى ذلك ، ولكن ليس يكون إمامهم ، وهؤلاء الأجلاّء فيهم ، ولم أعلم ممّن استفاض العمريان!
قال : ( وسلسلة أهل مكة مرتقية إلى أصحاب ابن عباس ).
قلت : لم يقل هنا أنّه مع تشرّفه بصحبته صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم قد صحب المرتضى أيضاً ، وتأدّب به ، وعليه تخرّج في العلم الظاهر والباطن