ولا يخفى أن اليافعي والمكي كليهما من الطبقة المتأخّرة عن ابن تيميّة ، وإنّما وجه استناد الاستاذ بهما مع عدم حضور الكتب للقدماء لديه : إنّهما لما جزما بما عند الأئمّة المتقدمة ، دون ما ذكره ابن تيميّة ، مع عثورهم عليه ، دلّ ذلك على أنّ الأوّل هو المعوّل ، وأنّ هنا ممّا لا يلتفت إليه.
وأمّا ما وقع في « طبقات » شيخ الإسلام من : أنّ أبا معروف هو مولى الإمام الرضا ، وبوّابه ، وأنّه أسلم على يديه ، وأنّ الإمام اطّلع يوماً على الناس ، فازدحموا ، فوقع أبو معروف تحت أرجلهم فهلك. فغير مشهور عند الجمهور ، ولكنّه لا مانع منه أيضاً. والله أعلم.
ثمّ المعنّي بالمولى هنا ، ليس مولى العتق ، بل مولى الإسلام ، كما يفهم من حديث الطبراني وابن عدي والدارقطني والبيهقي وغيرهم ، عن أبي امامة : من أسلم على يديه رجل فله ولاء. وفي رواية البخاري في تاريخه وأبي داود والطحاوي عن تميم الداري : هو أولى الناس بمحياه ومماته ، وفي لفظٍ : بحياته ومماته ، سواء اريد بالولاء ولاء الإرث أو ولاء الموالاة ، فلا منافاة ، وهو كقول ابن حبان في كتاب الثقات في الراهب النصراني الّذي تشرف بإكرام رأس الإمام الحسين الشهيد ، فرأى منه كرامة : فأسلم النصراني وصار مولىً للحسين رضي الله تعالى عنه.
قوله : ( وهذا باطل باتفاق أهل هذه المعرفة ، فإنّهم متّفقون على أنّ الحسن لم يجتمع بعلي ).
ويلوح رضا صاحب القرة بهذا مرّةً دون مرة.
سبحان الله ، هذا بهتان عظيم ، فقد تقدّم عن إمامي هذه المعرفة علي بن المديني شيخ البخاري وأبي زرعة الرازي شيخ مسلم ، أنّهما قالا : إنّه رآه بالمدينة الطيّبة ، مع رواية البخاري القوية ، ورواية أبي يعلى الموصلي الصحيحة