والأشعريّ أيضاً منتسب إليه لأنّه كان تلميذاً للجبائي المنتسب إلى عليّ ، وانتساب الشيعة بيّن ، والخوارج مع كونهم أبعد النّاس عنه أكابرهم تلامذته ، وابن عبّاس رئيس المفسّرين كان تلميذاً له وعلم منه تفسير كثير من المواضع التي تتعلق بعلوم دقيقة مثل الحكمة والحساب والشعر والنّجوم والرّمل وأسرار الغيب ، وكان في علم الفقه والفصاحة في الدرجة العليا وعلم النحو منه ، وأرشد أبا الأسود الدئلي إليه ، وكان عالماً بعلم السلوك وتصفية الباطن الذي لا يعرفه إلاّ الأنبياء والأولياء حتّى أخذه جميع المشايخ منه أو من أولاده أو من تلامذتهم ، وروي أنّه قال لو كسرت الوسادة ثمّ جلست عليها لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وبين أهل الزّبور بزبورهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم ، والله ما من آية أنزلت في برّ أو بحر أو سهل أو جبل أو سماء أو أرض أو ليل أو نهار إلاّوأنا أعلم فيمن نزلت وفي أيّ شيء نزلت ، وروي أنّه قال : لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً ، وقال صلّى الله عليه وسلّم أقضاكم علي ، والقضاء يحتاج إلى جميع العلوم.
وأمّا الزهد ، فلما علم منه بالتواتر من ترك اللذّات الدنياويّة والإحتراز عن المحظورات من أوّل العمر إلى آخره مع القدرة ، وكان زهّاد الصحابة كأبي ذر وسلّمان الفارسي وأبي الدرداء تلامذته.
وأمّا الشجاعة ، فغنيّة عن الشرح ، حتّى قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : لا فتى إلاّعلي لا سيف إلاّذو الفقار ، وقال صلّى الله عليه وسلّم يوم الأحزاب لضربة عليّ خير من عبادة الثقلين.
وكذا السخاوة ، فإنّه بلغ فيها الدّرجة القصوى حتّى أعطى ثلاثة أقراص ما كان له ولأولاده غيرها عند الإفطار ، فأنزل الله تعالى ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ).