ولا يمكن تخلف الحكم عنهما ، وليس الحكم بالجلد والقطع وكذا سائر الحدود من الاحكام التي يتوقف استمرارها على استمرار موضوعاتها ، كما في مثل حرمة وطئ الحائض ، حيث إن الحرمة في كل زمان يتوقف على ثبوت الحائض في ذلك الزمان ، لا ان يكون حدوث الحيض في زمان كافيا في بقاء الحرمة ولو مع عدم التلبس بعنوان الحائض ، بداهة ان الامر لايكون كذلك.
وهذا بخلاف باب الحدود ، فإنه يكفي في ترتب الحكم بالحد التلبس بالعنوان آنا ما ، وبعد التلبس يبقى الحكم إلى أن يمتثل ، ولا يتوقف بقاء الحكم على بقاء الموضوع في كل آن.
فظهر : ان في مثل آية السرقة والزناء لا يمكن ان يراد من المشتق المنقضى ولا الأعم منه ومن التلبس ، بل لا محيص من أن يراد منه خصوص المتلبس لئلا يلزم تخلف الحكم عن موضوعه.
وبما ذكرنا يظهر الجواب عما استدل به القائل بالأعم أيضا ، بقوله تعالى : (١) « ولا ينال عهدي الظالمين » بضميمة استدلال الامام (٢) بها على عدم قابلية الرجلين للخلافة لمكان عبادتهما الأوثان.
تقريب الاستدلال : هو انه لولا كون المشتق للأعم لما صح استدلاله (ع) لعدم كون الرجلين حين التصدي للخلافة من عبدة الأوثان هذا.
ولكن ظهر الجواب عن ذلك ، لان استدلال الإمام عليهالسلام لا يتوقف على استعمال المشتق في المنقضى ، بل الاستدلال يتم ولو كان موضوعا لخصوص المتلبس ، لان التلبس بالعنوان ولو آنا ما يكفي في عدم نيل العهد إلى الأبد ، ولا يتوقف على بقاء العنوان ، فحدوث العنوان في مثل هذا يوجب ترتب الحكم ، فالمشتق في مثل الآية أيضا قد استعمل في المتلبس.
ويؤيد ذلك : ان جلالة قدر الخلافة وولاية العهد تناسب ان لا يكون
__________________
١ ـ سورة البقرة ، الآية ١٢٤
٢ ـ راجع أصول الكافي ، الجزء ١ ، كتاب الحجة ، باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة ، ص ٣٢٦