ـ ١١ ـ
ومما ينبغي ان لا يترك هنا الإشارة إليه والتنبيه عليه ، ان للأصول في سيره من زمان تأليف المعالم إلى عصرنا الحاضر ثلث مراحل :
الأولى : مرحلة البطؤ أو التوقف.
الثانية : مرحلة البسط والتقدم.
الثالثة : مرحلة التحرير والتلخيص. فهذه ثلاثة أدوار حصلت للأصول في تلك القرون.
الدور الأول من الأدوار الثلاثة استوعب القرنين ، الحادي عشر والثاني عشر ، فكان أكثر مدار البحث والدرس في ذينك القرنين على كتاب المعالم ، ولم يؤلف فيهما مؤلفات مهمة تقع من حيث المدارسة في عرض المعالم أو في طوله ، ولعله كان ذلك ناشئا عن كثرة الاقبال على الاخبار وغلبة علمائنا الأخباريين الأخيار.
وكان الدور الثاني في القرن الثالث عشر ، فجدد فيه أساس البحث والنظر وحصل في هذا الدور للأصول صولة للأصوليين في ميدان التصنيف والتأليف والتحقيق جولة. فصار هذا الدور دور البسط والتفصيل بل دور الاطناب والتطويل ، وناهيك ما ترى من كتاب « هداية المسترشدين » ( حاشية على المعالم ) وكتاب « قوانين الأصول » للمحقق الجيلاني القمي ( المرزا أبو القاسم المتوفى ١٢٣١ ه. ق ) وكتاب « الفصول » للشيخ محمد حسين ( تلميذ الشيخ محمد تقي وأخيه المتوفى ١٢٦١ ه. ق ) ، وكتاب « بحر الفوائد » للاشتياني ( الحاج مرزا حسن المتوفى ١٣١٩ ه. ق ) حاشية على « فرائد الأصول » تأليف أستاذه الأنصاري ( أول من أدرك الأصول في هذا الدور بالتنقيح والتهذيب ، ورتبه على ترتيبه الأنيق المتين الشيخ المطلق في لسان المتأخرين الحاج شيخ مرتضى بن محمد أيمن المتوفى ١٢٨١ ) وغيرها من الكتب المؤلفة في ذلك القرن.
كان هذا التحول في سير الأصول من آثار الأصولي الفحل ما لك أزمة الفضل الأستاذ الأكبر المولى الاجل الأفضل آقا محمد باقر بن محمد أكمل ( المتوفى سنة ١٢٠٦ أو ١٢٠٨ ه. ق ) إذ لأستاذ بقوة تقريره وجودة تحريره في مناظراته