ثم انه لا اشكال في امكان التقييد أو الاطلاق بالنسبة إلى كل من الموضوع والمتعلق بلحاظ الانقسامات السابقة على ورود الحكم ، بل لا محيص اما من الاطلاق أو التقييد ، لعدم امكان الاهمال الواقعي بالنسبة إلى الآمر الملتفت ، لوضوح انه لابد من تصور موضوع حكمه ومتعلقه ، فإذا كان ملتفتا إلى الانقسامات اللاحقة للموضوع أو المتعلق ، فاما ان لا يعتبر فيه انقساما خاصا فهو مطلق ، أو ان يعتبر فيه انقساما خاصا فهو مقيد.
وبالجملة : لو أوجب اكرام الجيران وهو ملتفت إلى أن الاكرام يمكن ان يكون بالضيافة ويمكن ان يكون بغيرها ، وكذا كان ملتفتا إلى أن في الجيران عدوا وصديقا ، فان تساوت الأقسام في نظره فلا محيص من اطلاق حكمه ، والا فلابد من التقييد بما يكون منها موافقا لنظره ، هذا بحسب الثبوت ونفس الامر. واما بحسب مقام الاثبات ومرحلة الاظهار ، وفيمن فيه الاهمال لغرض له في ذلك. هذا في الانقسامات السابقة على الحكم اللاحقة للموضوع أو المتعلق.
واما الانقسامات اللاحقة للحكم فلا يمكن فيها التقييد ثبوتا ، وإذا امتنع التقييد امتنع الاطلاق أيضا لما بين الاطلاق والتقييد من تقابل العدم والملكة ، فالقدرة على أحدهما عين القدرة على الآخر ، كما أن امتناع أحدهما عين امتناع الآخر وذلك واضح. فالشأن انما هو في اثبات امتناع التقييد. فنقول : يقع الكلام تارة : بالنسبة إلى الموضوع ، وأخرى : بالنسبة إلى المتعلق. اما بالنسبة إلى الموضوع ، فالتقييد تارة : يكون في مرحلة فعلية الحكم ، وأخرى : يكون في مرحلة انشائه.
واما التقييد في مرحلة فعلية الحكم فلا يعقل ، للزوم الدور. وذلك لان فعلية الحكم انما يكون بوجود موضوعه ، كما أوضحناه في محله ، فنسبة الموضوع إلى الحكم نسبة العلة إلى المعلول ، ولا يعقل تقدم الحكم على موضوعه ، والا يلزم عدم موضوعية ما فرض كونه موضوعا ، وذلك واضح. ومن المعلوم : ان العلم بالشيء يتوقف على ثبوت الشيء في الموطن الذي تعلق العلم به ، إذ العلم لابد له من متعلق ورتبة المتعلق سابقة على العلم ليمكن تعلق العلم به ، فلو فرض ان العلم بالحكم اخذ قيد للموضوع فلا بد من ثبوت الموضوع بماله من القيود في المرتبة السابقة على الحكم ، لما