شك في أنه هل كان غرضه من الامر تعبد المكلف به أو لم يكن غرضه ذلك كان الشك راجعا إلى الزام شرعي فينفي بالأصل.
والحاصل : ان الامر يدور بين الأقل والأكثر ، لاشتراك التعبدي والتوصلي في تعلق الامر بالفعل ، فيكون في التعبدي امر زائد اراده المولى من المكلف. وليس المقام من دوران الامر بين المتباينين ، بدعوى انا نعلم أن للمولى غرضا ولكن نشك في أن غرضه من الامر نفس المتعلق أو ان غرضه تعبد المكلف بأمره ، ودلك : لاشتراك التعبدي والتوصلي في تعلق الغرض بالفعل ، وفي التعبدي يكون غرض زائد على ذلك ، وهو تعبد المكلف بأمره ، فيكون الامر من الدوران بين الأقل والأكثر.
نعم يمكن ان يقال : انه بالنسبة إلى فروع التعبد : من قصد الوجه والتميز وغير ذلك ، يكون الأصل هو الاشتغال ، للشك في حصول المسقط المفروض انه غرض المولى بدون ذلك.
وبالجملة : فرق بين الشك في أصل التعبد ، وبين الشك فيما يحصل به التعبد ، فان الأول مجرى البراءة والثاني مجرى الاشتغال ، فتأمل.
هذا بناء على أن يكون التعبد جائيا من ناحية الغرض. وأما إذا كان لمتمم الجعل ، فعند الشك يكون المرجع هو البراءة مط ، سواء كان الشك في أصل التعبد أو فروع التعبد ، لرجوع الشك إلى الشك في قيد زائد على كل حال كما لا يخفى. وليكن هذا آخر ما أردنا بيانه في مسألة التعبدية والتوصلية.
ثم انه كان المناسب ان يستوفى اقسام الواجب : من كونه تعبديا أو توصليا ، وكونه مط أو مشروطا ، وكونه عينيا أو كفائيا ، وكونه تعيينيا أو تخييريا ، إلى غير ذلك من الأقسام المتصورة فيه ، ثم بعد ذلك يذكر مسألة الاجزاء ، والمرة والتكرار ، لان هذه تقع في مرحلة سقوط التكليف ، وذلك يقع في مرحلة ثبوت التكليف ، وتفرع الأول على الثاني واضح ، ولكن الاعلام لم يسلكوا هذا المسلك وقدموا ما حقه التأخير وأخروا ما حقه التقديم. كما أنهم ذكروا تقسيم الواجب إلى المط والمشروط في بحث مقدمة الواجب ، مع أن ذلك المبحث متكفل لحال المقدمة وأقسامها ، لا لاقسام الواجب ، وتقسيم المقدمة إلى الوجوبية والوجودية وان كان باعتبار اطلاق وجوب