كان اللازم وجوب تهيئة مقدمات القدرة على الواجب ، ولو قبل مجيئ زمان وجوبه إذا لم يتمكن من تهيئتها في زمانه ، والا كان مندرجا تحت قاعدة الامتناع بالاختيار.
ويندرج في هذه القسم مسألة حفظ الماء قبل الوقت ، فان القدرة على الماء انما اعتبرت شرعا بقرينة قوله تعالى : (١) « فلم تجدوا ماء فتيمموا » الخ ، حيث إن التفصيل قاطع للشركة ، فيظهر منه ان الوضوء مقيد شرعا بوجدان الماء ، وبعد قيام الدليل على وجوب حفظ الماء قبل الوقت ـ على ما حكى شيخنا الأستاذ مد ظله بأنه وردت رواية في ذلك ، وان لم أعثر عليها ـ يستفاد منه : ان القدرة المعتبرة في الوضوء انما تكون على نحو القدرة العقلية وبتلك السعة (٢) ولكن هذا بعد قيام الدليل على وجوب حفظ الماء ، والا فان من نفس اخذ القدرة شرعا في الوضوء لا يمكن استفادة ذلك ، بل غايته استفادة القدرة بعد الوقت. هذا بالنسبة إلى الماء.
واما بالنسبة إلى الساتر ونحوه مما يتوقف عليه القدرة على الواجب بقيوده في الوقت ، فالقدرة المعتبرة فيه انما تكون عقلية محضة كالقدرة على نفس الصلاة ، وعليه يجب حفظ الساتر أو تحصيله قبل الوقت لمن لا يتمكن منه بعده ، ولا نحتاج في ذلك إلى قيام دليل عليه ، بل القدرة العقلية تقتضي ذلك كلزوم حفظ القدرة على أصل الصلاة بان لا يعمل عملا يوجب فوات القدرة عليها في وقتها ، والسر في ذلك : هو ان القدرة المعتبرة فيها عقلية فيجب حفظها. هذا إذا اعتبرت القدرة شرعا بتلك السعة.
وأخرى : لا تعتبر بتلك السعة ، بل اعتبرت على وجه خاص ، فالمعتبر ملاحظة كيفية الاعتبار ، فتارة : تعتبر على كيفية يقتضى أيضا تحصيل مقدمات القدرة ولو قبل مجيء وقت الواجب ، كما إذا قال : أكرم عمروا في الغد ان ، قدرت عليه بعد مجيء زيد ، ففي مثل هذا يكون العبرة بحصول القدرة بعد مجيء زيد ، ولا اثر
__________________
١ ـ المائدة ، الآية ٦
٢ ـ ولازم ذلك هو لزوم تحصيل الماء قبل الوقت ، والظاهر : انه لا يلتزمون بذلك ، فتأمل ـ منه.