بالنسبة إلى الامساك فيما بينها الذي يكون متعلقا لابد وان يتحقق متدرجا في آنات الزمان ـ فكذلك فعلية الخطاب انما تكون تدريجية ، ويكون فعلية وجوب الامساك في كل آن مشروطا بوجود ذلك الآن ، وتكون الفعلية متدرجة في الوجود حسب تدرج آنات الزمان ، ولا يعقل غير ذلك ، إذ كما لا يعقل تحقق امساك الآن الثاني في الآن الأول لعدم معقولية جر الزمان ، كذلك لا يعقل فعلية وجوب امساك الآن الثاني في الآن الأول ، وكما يكون امساك كل آن موقوفا على وجود ذلك الآن ، كذلك فعلية وجوب الامساك في كل آن موقوفة على وجود ذلك الآن ، ففعلية الخطاب في التدرج والدفعية تتبع الشروط والمتعلق في التدرج والدفعية ، فإذا كانت الشروط والمتعلق تدريجية فلا بد ان يكون فعلية الخطاب أيضا تدريجية ، ولا فرق في هذا بين ان نقول ان الزمان في باب الصوم اخذ قيدا للمتعلق ، أو اخذ قيدا لنفس الحكم على ما بينا (١) تفصيله في التنبيه العاشر من تنبيهات الاستصحاب في مسألة استصحاب حكم المخصص أو الرجوع إلى حكم العام.
نعم تظهر الثمرة بين الوجهين في وجوب امساك بعض اليوم لمن يعلم بفقدان بعض الشروط في أثناء النهار أو عدم وجوبه ، فإنه بناء على أن يكون الزمان قيدا لنفس الحكم يكون وجوب الامساك في البعض والكفارة عند المخالفة على القاعدة ، بخلاف ما إذا قلنا بكون الزمان قيدا للمتعلق ، فإنه يكون وجوب امساك البعض والكفارة على خلاف القاعدة ، يتبع ورود الدليل ، ولا باس بالإشارة إلى وجه ذلك اجمالا.
فنقول :
ان كان الزمان قيدا للمتعلق وهو الامساك فيكون الواجب هو الامساك ما بين الحدين ( الطلوع والغروب ) عند اجتماع الشرائط : من القدرة وعدم السفر والحيض فيما بين الحدين ، فيكون متعلق التكليف أمرا واحدا مستمرا وهو الامساك
__________________
١ ـ راجع تفصيل هذا البحث في التنبيه الثاني عشر من تنبيهات الاستصحاب. الجزء الرابع من هذا الكتاب ـ ص ١٩٦ الطبعة القديمة