صلوحه للقرينية بلا كلفة ، كاستثناء الفساق من العلماء مع تردد الفساق بين مرتكب الكبيرة فقط ، أو الأعم منه ومن مرتكب الصغيرة لأجل اجمال المفهوم ، وكالضمير المتعقب لجمل متعددة ، أو الاستثناء المتعقب لذلك ، فإنه في الجميع يكون القيد صالحا لرجوعه إلى ما تقدم بلا عناية ، بحيث يصح للمتكلم الاعتماد على ذلك وبذلك ينهدم أساس مقدمات الحكمة. وهذا بخلاف المقام ، فان رجوع القيد إلى الهيئة يحتاج إلى عناية زائدة ، وهي لحاظ الانتساب في طرف المادة هذا.
مع أن رجوع القيد إلى الهيئة والوجوب ، لا يصح الا بعد اخذ القيد مفروض الوجود كما تقدم ، وذلك أيضا امر زائد ينفيه اطلاق القيد ، حيث إنه لم يتعقب بمثل أداة الشرط التي خلقها الله تعالى لأجل فرض الوجود ، فمقتضى اطلاقه عدم لحاظه مفروض الوجود.
هذا كله. مضافا إلى أن القيود التي تصلح لان ترجع إلى المادة أو الوجوب انما هي القيود التي تكون بصيغة الحال ، كحج مستطيعا ، إذ ما عدا ذلك لا تصلح لذلك ، فان ما كان مصدرا بأدوات الشرط (١) وما يلحق بها لا تصلح الا للرجوع إلى الهيئة ، وما كان من قبيل المفعول به وفيه لا تصلح الا للمادة كصل في المسجد ، حيث إن ظاهره الأولى يقتضى بناء المسجد الا ان تقوم قرينة شخصية أو نوعية على خلافه. فينحصر ما يصلح للرجوع إلى كل منهما بما كان على هيئة الحال ، ومعلوم ان مقتضى الظهور النوعي في مثل حج مستطيعا ، وصل متطهرا ، وأمثال ذلك ، هو رجوع القيد إلى المادة ، حيث لا يستفاد منه الا ذلك ، هذا إذا كان التقييد بالمتصل. وأما إذا كان التقييد بالمنفصل ، فان كان لفظيا فالكلام فيه هو الكلام في المتصل ، بل هو أولى كما لا يخفى.
وان كان لبيا ، كما إذا انعقد اجماع على أن الحج لا يقع بصفة المطلوبية الا
__________________
١ ـ كالعقود التي لا تتعلق بها إرادة الفاعل لكونها خارجة عن القدرة كالزمان ، حيث عرفت ان مثل ذلك لابد ان يؤخذ مفروض الوجود ـ منه.