كان استيفاء واحد منها مانعا عن استيفاء الباقي ، فإذا كان كذلك فلا بد من ايجاب الكل على نحو الواجب المشروط ، إذ تخصيص الوجوب بأحدهما يكون بلا مرجح ، هذا.
ولكن يرد عليه : أولا : انه لا يتوقف الواجب التخييري على أن يكون لكل من الافراد ملاك يخصه ، بل يمكن ان يكون هناك ملاك واحد قائم بكل من الافراد ، غايته انه يحتاج إلى جامع بينها حتى لا يصدر الواحد من المتعدد. وسيأتي توضيح ذلك.
وثانيا : لو فرض ان هناك ملاكات متعددة ، ولكن بعد فرض وقوع التزاحم والتمانع بينها في المرتبة السابقة على الخطاب لا يمكن ان يكون كل واحد منها تاما في الملاكية ، إذ الملاك المزاحم بغيره لايكون تاما في ملاكيته ، فبالآخرة يرجع إلى أن الملاك التام واحد ، والعبرة بالملاك التام ، ومع وحدة الملاك لا تكون الافراد من الواجب المشروط ، إذ مبنى ذلك كان على تعدد الملاكات.
نعم : لو وقع التزاحم في المرتبة المتأخرة عن الخطاب لمكان عدم القدرة على الجمع بين متعلقي الخطابين ـ كما في انقاذ الغريقين ـ كان الخطاب في كل واحد مشروطا بعدم فعل متعلق الاخر ، إذا قلنا في باب التزاحم بسقوط اطلاق الخطابين ، لا أصل الخطابين ، كما سيأتي تفصيله في مبحث الترتب انشاء الله تعالى ، لان الملاك في كل واحد يكون تاما ، وانما المانع عدم قدرة المكلف على الجمع بين المتعلقين ، ولمكان اشتراط كل تكليف بالقدرة يكون الخطاب في كل مشروطا بعدم فعل الآخر ، لثبوت القدرة على هذا الوجه.
والحاصل : انه فرق بين عروض التزاحم في المرتبة المتأخرة عن الخطاب بعد تمامية الملاك في كل من المتعلقين ، وبين وقوع التزاحم في المرتبة السابقة على الخطاب لمكان التمانع بين الملاكات ، ففي الأول يكون الخطاب في كل مشروطا بعدم الاخر ، لمكان اشتراط كل خطاب بالقدرة ، وينتج نتيجة ، الواجب التخييري ، حيث يكون المكلف مخيرا في اختيار أيهما شاء.
وفى الثاني لايكون الخطاب بكل مشروطا بعدم الاخر ، إذ ليس هناك الا