والاشكالات الواردة على اخذ الموضوع ذلك مما لا تخفى على المراجع. وكفى في الاشكال هو انه لو كان موضوع علم الأصول ذلك يلزم خروج أكثر مباحثه : من مسألة حجية خبر الواحد ، ومسألة التعادل والتراجيح ، ومسألة الاستصحاب ، وغير ذلك مما لا يرجع البحث فيها عما يعرض الأدلة الأربعة ، بل يلزم خروج جل من مباحث الألفاظ ، كالمباحث المتعلقة بمعاني الأمر والنهي ، ومثل مقدمة الواجب ، واجتماع الأمر والنهي ، حيث تكون من المبادئ التصورية أو التصديقية ، أو من مبادئ الاحكام التي زادها القوم في خصوص علم الأصول ، حيث أضافوا إلى المبادئ التصورية والتصديقية مبادئ أحكامية.
وتوضيح ذلك :
هو ان لكل علم مبادئ تصورية ، ومبادي تصديقية. والمراد من المبادئ التصورية هو ما يتوقف عليه تصور الموضوع واجزائه وجزئياته وتصور المحمول كذلك. والمراد من المبادئ التصديقية هو مما يتوقف عليه التصديق والاذعان بنسبة المحمول إلى الموضوع. فمسألة العلم تكون حينئذ ، هي عبارة عن المحمولات المنتسبة ، أو مجموع القضية ـ على الخلاف. والمراد من المبادئ الأحكامية هو ما يتوقف عليه معرفة الأحكام الشرعية : من التكليفية والوضعية بأقسامهما ، وكذا الأحوال والعوارض للأحكام : من كونها متضادة ، وكون الأحكام الوضعية متأصلة في الجعل ، أو منتزعة عن التكليف ، وغير ذلك من حالات الحكم. ووجه اختصاص المبادئ الأحكامية بعلم الأصول ، هو ان منه يستنتج الحكم الشرعي وواقع في طريق استنباطه.
ثم إن البحث عن المبادئ بأقسامها ، وليس من مباحث العلم ، بل كان حقها ان تذكر في علم اخر ، مما كانت المبادئ من عوارض موضوعه ، الا انه جرت سيرة أرباب العلوم على ذكر مبادئ كل علم في نفس ذلك العلم ، لعدم تدوينها في علم آخر.
وعلى كل تقدير يلزم بناء على أن يكون موضوع علم الأصول هو خصوص الأدلة الأربعة كون كثير من مباحثه اللفظية مندرجة في مبادئ العلم :