الخارجية دون القضية الحقيقية.
وتوضيح ذلك : هو ان حركة إرادة الفاعل نحو الفعل ، أو الآمر نحو الامر انما يكون لمكان علم الفاعل والآمر بما يترتب على فعله وأمره ، وما يعتبر فيه من القيود والشرائط ، وليس لوجود تلك القيود دخل في الإرادة ، بل الذي يكون له دخل فيها هو العلم بتحققها ، مثلا لو كان لعلم زيد دخل في اكرامه ، فمتى كان الشخص عالما بان زيدا عالم يقدم على اكرامه مباشرة أو يأمر باكرامه ، سواء كان زيد في الواقع عالما أو لم يكن ، وان لم يكن الشخص عالما بعلم زيد لا يباشر اكرامه ولا يأمر به وان كان في الواقع عالما ، فدخل العلم في وجوب اكرام زيد يلحق بالعلل الفائتة التي قد عرفت انها انما تؤثر بوجودها العلمي لا بوجودها الواقعي ، وهكذا الحال في سائر الأمور الخارجية ، مثلا العلم بوجود الأسد في الطريق يوجب الفرار لا نفس وجود الأسد واقعا ، وكذا العلم بوجود الماء في الطريق يوجب الطلب لا نفس الماء ، وهكذا جميع القضايا الشخصية حملية كانت أو انشائية المدار فيها انما يكون على العلم بوجود ما يعتبر في ثبوت المحمول ، لا على نفس الثبوت الواقعي.
وهذا بخلاف القضايا الحقيقية ، فإنه لا دخل للعلم فيها أصلا ، لمكان ان الموضوع فيها انما هو العنوان الكلي الجامع لما يعتبر فيه من القيود والشرائط ، والمحمول فيها انما هو مترتب على ذلك العنوان الجامع ، ولا دخل لعلم الآمر بتحقق تلك القيود وعدم تحققها ، بل المدار على تحققها العيني الخارجي ، مثلا الموضوع في مثل ـ لله على الناس حج البيت الخ ـ انما هو المستطيع ، فان كان زيد مستطيعا يجب عليه الحج ويترتب عليه المحمول ، ولو فرض ان الآمر لم يعلم باستطاعة زيد بل علم عدم استطاعته. ولو لم يكن مستطيعا لا يجب عليه الحج ولو فرض ان الآمر علم بكونه مستطيعا. فالقضية الخارجية انما تكون في طريق النقيض للقضية الحقيقية من حيث دخل العلم وعدمه. وان أردت توضيح ذلك فعليك بمراجعة ما سطرناه في الواجب المعلق. (١)
__________________
١ ـ راجع بحث الواجب المعلق من مباحث تقسيمات الواجب من هذا الكتاب ، ص ١٧٠